الخميس، 4 أكتوبر 2012

من هو القديس و لماذا نقتدي به ؟!


حياة القداسة
الجميع مدعوا الى أن يعيش حياة القداسة فالرب يسوع قد دعانا إليها فقال " كونوا قديسين كما أنّ أباكم السماوي هو قدوس" والقديسة تريزا الطفل يسوع قالت" أنت كمان فيك تكون قديس" إذاَ أحباني القداسة هي دعوة إلهية موجهه للجميع وهذا ما فعلته وعاشته القديسة ريتا التي نحتفل بعيدها هي قد أدركت تماماً أن هناك طريق للدخول الملكوت اسمه القداسة والله هو الذي شق الطريق ونحن لايمكنا دخول ملكوت الله الا كقديسين لان الله هو "ملك القديسين"(رؤ15: 3)وقد اعطى للانسان كل امكانيات السير على هذا الطريق والقديسة وغيرها من القديسين قد استفادوا من هذة الامكانيات واستثمروها فى حياتهم فظهرت فيهم ملامح القداسة .واسم ريتا .. يعني الزهرة البيضاء ذات القلب الذهبي المليء بالتقوى والطهارة والسخاء.. هي لُقبت بشفيعة الامور المستحيلة  والمرأة حديدية التي ذاقت الآلام والمشاقات في حياتها ، فلم تيأس ، بل تسلّحت بالصبر والصلاة ، وإلأماتة والتقشف
القديس انسان عادى استثمر هذه الامكانيات فعاش:
 1-حياة الانجيل ونفذ الوصية بروح الانجيل وقول المسيح "اما كلامي فهو روح وحياة"
2- سلم ذاته تسليم كُلي لقيادة الروح القدس فى حياته"الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله"(رو8:14)القديس شارل ديفوكو "يا أبتِ إني أسلم لك ذاتي فافعل بي ما تشاء"
3- استمر فى شركه تامة مع الكنيسة دون ان ينعزل عنها لأنها المعمل الاساسى الذى يصنع القديسين لايمكن لانسان منعزل عنها ان يتمتع بالقداسه بمفرده مهما كان جهاده لانه بعيد عن رب المجد مصدر قداسته حيث الاسرار والخدمه والاحساس بكل عضو فى جسده "احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح"(غل6 :2).
 
4- إستفاد من الالم فى حياتة " "كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله"(رو8: 28 ) وأعتبره ذات فائدة كبرى للتمتع بحياة الاقتراب من الله .وحمل صليبه شاكراً الرب.
5- قرر منذ صغره أن يتعلق بالسماويات تاركاً وراءه الارض وما عليّها "ها قد تركنا كل شيء وتبعناك "وهناك اكتشف جمال السماء ومجد بهاء الآب  وصيرا مع غيره الارض سماء.
إنّ القدّيس يحمل المسيح في ذاته مع قوّة محبّة لا تقهر من أجل خلاص البشر.
    1- رجل حوار وصلاة:
هو شخص عاش في لقاء دائم وحوار  و في صلاة مستمرةّ مع  حقيقة نابعة من قلب محب وعلاقة حميمة مع الله وعلامة وصل وبناء جسر منه وعليه يعبر الانسان الى الله وبالتالي هو إنعكاس النّور الإلهيّ.نور السماء على الارض كما أنه انعكاس كامل لإنسانيّة المسيح الذي به وفيه تدرك البشرية كمال إنسانيتها.
1-    رجل حب وتفاني:
بقدر ما يسعي الانسان الناسك أو المتعبد حياة الحب والتفاني والنظر الى الشخص الاخر والابتعاد عن حياة الانانية يصير هو مصدر سلامة للإنسانيّة وتجدّد لها، فهو يسعى دائماً وأمام أيّ إنسان إلى التّصرّف نحوه بكلّ رقّة، وشفافية، ونقاوة في الفكر والأحاسيس والمشاعر وهذا ليس فقط تجاه اخوه الانسان إنما لكافة المخلوقات والكائنات. وعليه أن يرى في كلّ خلائق الله على الارض إنما هي عطيّةً لمحبّة الله  " فاللرب الارض وملؤها وجميع الساكنين فيها " ولذا يجب على رجل الله القديس أن  يحترم كلّ إنسان وكافة المخلوقات،وإن تألّم أحد، حتّى لو كان حيوانًا عليه أن يمارس معه عمل المحبة والشفقة.فالقلب الممتلئ برحمة الله هو قلب يلتهب دائما نحو خليقته.
2-    رجل اللاعنف
يدعوا القديس صاحب القلب الرقيق والاحساس دائماً بالابتعاد عن المنازعات والممحاكات والمجادلات التي لاتُجدي نفعاً "ابتعدوا عن المجادلات العقيمة" كما أنه يشدد على نبذ العنف وكل أشكاله ويقول أن العنف والقسوة هما اولاد الخطئية والشهوة والاهواء الدنيئة التي تولد وبإستمرار الحقد والكراهية والتفاهة ففي الدعوة الى نبذ كل هذه الامور تتسامى المشاعر والاحسيس والرّقّة والشّفافيّة. المرتبطة بطّهارة لقلب ونقاوة الفكر وصفاء الضمير ومشاركة الناس جميعهم في افراحهم واحزانهم.
3-    رجل الكتاب المقدس :
هو انسان باحث عن كلمة الله ودخل في صميم الله بالكتاب المقدس ومعرفته لذا لم نجد فى تاريخ الكنيسه قديس يجهل الكتاب المقدس بل الكل لهم فيه العمق الروحي والحكمه"

لماذا نحتفل بالقديسين ؟ وندعوا الناس أن يقتدوا بهم؟ 
1-   تلألأت فيهم حياة الكمال والسيرة الحسنة الحقة،وعيش روح الفقر الانجيلي ، قد خدموا الرب في كل الأوقات ولا سيما الجوع والعطش التعب والكد في الاسهار والاصوام ، الصلوات والتأملات المقدسة و الاضطهادات الكثيرة."مَّن ذا الذي يستطيع أن يفصلنا عن محبة المسيح كثيرةٌ هي الشدائد والمضايق، التي قاساها الرسل والشهداء، والمعترفين ، وسائر الذين ارادوا أن يقتفوا آثار المسيح!"
2-   نهجوا قول يوحنا الرسول في رسالته " لاتحبوا العالم ولا الاشياء التي في العالم لأن العالم وشهواته يزولان كما أنهم تبعوا قول المسيح ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه فقد أبغضوا نفوسهم في هذا العالم ليحفظوها للحياة الابدية.
3-اختبروا حياة التقشف والعفة والفقروقاسوا الكثير من التجارب! ولكن ما تركوا أبداً حياة الصلاة والتأمل والغيرة الرسولية وتقدمهم الروحي وجهادهم في قهر الرذائل! وعيش الفضائل والتفكر المستمر في الله فكانوا يقضون وقتهم كله في كل ما هو نافع، لدرجة أنهم كانوا ينسون القوت الجسدي.زاهدين في كل شيء في جميع الثروات والرتب والكرامات ، وفي الاصدقاء والاقارب ،.لقد كانوا فقراء في الارضيات، ولكنهم أغنياء في النعمة والحكمة
هكـذا أعطـت القديسة ريتـا مثـالاً رائعاً لكل راهبة ، ولكـل شابة وأمرأة مسيحية بسخائهـا وإيمانهـا وتقواهـا ... وهي اليـوم تدعو الجميــع الى الأقتـداء بهـا كمـا اقتدت هي بالمسيـح . منهـا نتعلـم أن درب القداسة ، يمر من خلال الحقائـق اليومية ، ومن خلال خدمة اخوتنا البشر والاخلاص للانجيل .وكل عام وانتم بألف خير وصحة وتحقيق المستحيل في حياتنا بالصلوات التي ترفعها عنا القديسة مريم العذراء والقديسة ريتا والطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني

قصه حياه الفديس فرانسيس الاسيزي (فرانسيسكو دي اسيز )

 
 
 
ولد فرنسيس في مدينة اسيزي الايطالية العام 1182 . اهتدى الى المسيح بعد شباب طائش ، فترك من اجله كل شي ،ليقتدي به ويكون كله لله . واذ كان ينفق كثيراً على الفقراء ، اجبره والده على التنازل عن حقه في الميراث ، فترك عائلته وميراثه وهو يقول : ((لم يعد لي من ميراث ومن اب الا الاب الذي في السموات )) . اتخذ فضيلة الفقر ((عروساً)) وكرس حياته لخدمة الجميع ، لا سيما الفقراء ...كان يدعو الناس الى حب الله ، وهو يطفح فرحاً وبساطة وحباً للمسيح ، حتى قال عنه احد البابوات (( انه اقرب صورة الى المسيح)) . جمع من حوله بعض الاتباع وسن لهم قوانين استوحاها من الانجيل المقدس ،وصادق عليها الكرسي الرسولي . هكذا نشأت الرهبانية الفرنسيسكانية المبنية على محبة الفقر وخدمة المساكين . وقد انشأ فرنسيس كذالك رهبانية للنساء ، ومن ثم ((الرهبانية الثالثة))للعلمانيين .
قبل وفاته بسنتين ،طلب الى يسوع ان يجعله يشعر في نفسه وجسده بذلك العذاب الذي شعر به ساعة الامه ، وبذلك الحب العظيم الذي تأجج فيه ،وجعله يتحمل الالام المبرحة في سبيل خلاص الخطأة ... واذا بالسماء تنفتح فجأةً ويظهر ملاك براق بأجنحته ، وقد ارتسمت عليه صورة المصلوب . بعد هذا الانخطاف ظهرت في يديه ورجليه وصدره اثار جروحات المسيح ، فأشركته في الامه وحولته صورة حبه ليسوع المصلوب .
لفظ الروح في 4 /10/ 1226 بين يدي ابيه السماوي .

هل يستطيع علم الفيزياء أن يبرهن أن الله غير موجود؟!

هل يستطيع علم الفيزياء أن يبرهن أن الله غير موجود؟!

--تحتل المقالات التي تقدم، تعالج تمدح وتنتقد كتاب عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ الجديد صفحات جريدة "ذا تايمز" البريطانية.

قبل أسبوع من زيارة البابا المرتقبة إلى بريطانيا يطلق عالم الفيزياء هوكينع ما يظن أنه سيكون قنبلة نووية، ستصدر في الأسواق في 9 سبتمبر الجاري بعنوان "المشروع الكبير" (The Grand Design). كتاب يزعم الإجابة على هذا السؤال: "هل العالم بحاجة إلى خالق؟" جواب عالم الفيزياء هو قطعي: كلا، العالم كان سيخلق نفسه انطلاقًا من قانون الجاذبية.

تعليقًا على هذه الخلاصات (التي لا بد للقارئ أن يذهب أعمق في القراءة عندما يصدر الكتاب لكي يفهم عما إذا كانت تحاليل هوكينغ متماسكة منطيقيًا أم لا) تعليقًا عليها، خلصت هانا دالفين إلى القول: "تمامًا كما أزالت الداروينية الحاجة إلى الخالق في حلقة البيولوجيا، كذلك يقدم أشهر علماء بريطانيا سلسلة جديدة من الحجج تجعل دور الله في الكون مجرد إطناب زائد".

يعتبر العالم – بحسب التقرير الذي يسبق النشر – أن الانفجار الكبير (Big Bang) لم يتم بتدخل من الله بل كنتيجة حتمية لقوانين الفيزياء. وتستشهد دالفين بالكتاب  - الذي ستصدر "ذا تايمز" مقتطفًا منه في 6 سبتمبتر – حيث يقول هوكينغ: "بما أن هناك قانون مثل قانون الجاذبية، يستطيع الكون بل يتوجب عليه أن يخلق ذاته من العدم. الخلق التلقائي (Spontaneous creation) هو السبب بأن هناك شيء بدل اللاشيء، هو سبب وجود الكون، هو سبب وجودنا". وعليه ما من داعٍ لإدخال الله في المعادلة لكي يسير عملية خلق الكون.

يشكل هذا الكتاب موقفًا جديدًا لهوكينغ، بعد أن كان أكثر انفتاحًا على الدين في مؤلفه السابق " A Brief History of Time "، حيث يشير إلى أن الدين لا يتناقض مع العلم وفهم الكون.

يجدر القول بأن الكتاب يحاول أن يدحض نظرية العالم الشهير إسحق نيوتون حول الكون، الذي يصرح بأن الكون لم يتولد من العدم انطلاقًا من قوانين الطبيعة، بل أنه خلق حتمًا من قِبَل الله.

يصرح هوكينغ أن بدء الشك الذي حمله إلى النظرية الحالية جاء في عام 1992، عندما تم اكتشاف كوكب يدور حول نجم يشبه شمسنا. وتعليقًا على هذا الاكتشاف يقول: "هذا الاكتشاف يجعل الصدفة التي أدت إلى نشوء ظروف كوكبنا – الشمس، والأرض المحظوظة القائمة على مسافة ملائمة من الكتلة الشمسية – أمرًا أقل دهشة، وحجة أقل قوة للتصريح بأن الأرض خُلقت بانتباه كبير لكي تستضيف الكائنات البشرية".

ويسترسل هوكينغ فيقول: ليس فقط الكواكب بل هناك إمكانية لوجود أكوان أخرى. ولو كانت نية الله هي أن يخلق البشر فقط فوجود كل هذه المادة والأكوان هي أمر فائض.

 

ردات فعل على تصريحات هوكينغ

رحب عالم البيولوجيا ريتشارد دوكينز، الذي يجاهد لنشر الإلحاد (خصوصًا في أشهر كتبه "وهم الله")، بخلاصات هوكينغ بالقول: "رغم أنني لا أعرف شيئًا عن تفاصيل علم الفيزياء، إلا أنني أعتقد بالأمر نفسه".

في المقابل، صرح البروفسور جورج إيليس، رئيس الجمعية العالمية للعلوم والأديان بالقول: "إن مشكلتي الكبرى مع هذه الخلاصات هي أنها تضع الناس أمام خيار: إما العلم وإما الدين. كثير من الأشخاص سيقولون: حسنًا، أنا أختار الدين، وعندها الخاسر سيكون العلم".

هذا وكانت هناك ردات فعل وتعليقات من رجال دين مسيحيين، مسلمين ويهود في انكلترا، عبروا في آرائهم ووجهات نظرهم في شأن نظرية هوكينغ.

مواقف رجال الدين

إن نظرية الفيزيائي هوكينغ الذي يصرح بأن علم الفيزياء لا يترك مجالاً لله في الكون لم تمر بدون ملاحظة ممثلي الأديان المختلفة في بريطانيا.

فقد قال رئيس أساقفة كانتربري، روان ويليمز، لصحيفة "ذا تايمز" معلقًا: "الإيمان بالله ليس سدة تفيد في تسكير فجوات في شرح كيف تترابط الأمور في الكون. الإيمان بالله هو أن نؤمن بأن هناك عامل ذكي وحي تعتمد عليه كل الموجودات".

وأضاف: "علم الفيزياء لوحده لن يجيب أبدًا على السؤال: لم هناك شيء بدل العدم".

من ناحيته، عبّر الإمام ابراهيم موغرا، رئيس لجنة المجمع الإسلامي في بريطانيا عن رأيه بالقول: "إذا ما نظرنا إلى الكون وكل المخلوقات، لرأينا أن هناك أحد ما وراءها أتى بها إلى الوجود. وهذا هو الله".

أما الجواب الأطول والأكثر محاججة فقد جاء من قبل الحاخام جوناثان ساكس الذي هو رئيس اتحاد الجماعات اليهودية في الكومنولث.

في مقالته التي نشرتها صحيفة "ّذا تايمز"، يبدأ ساكس مصرحًا: "ستيفن هوكينغ يخطئ بأمر وجود الله. وجل ما يفعله هو أنه يرفض اللاهوت المغلوط الذي كان يعتنقه في الماضي".

ويتساءل ساخرًا: "ماذا كنا سنفعل لنتسلى لو لم يكن هناك علماء يقولون لنا بحماسة خانقة أن "الله لم يخلق العالم"، كما لو كانوا أول من يقول هذا الأمر؟ ستيفن هوكينغ هو الأخير، ولكنه بالتأكيد ليس الأول!".

ويتابع: "عندما سأل نابوليون عالم الحساب لابلاس، منذ نحو 200 عام، عن الله في برنامجه العلمي، أجاب الحسابي: ‘أنا لست بحاجة لهذه الفرضية‘. لست بحاجة إلى الله لكي أشرح الكون. لم نكن يومًا بحاجة إلى الله لكي نفهم الكون. وهذا الأمر هو ما لا يفهمه العلماء".

"هناك فرق بين العلم والدين. العلم يشرح. الدين يفسّر. الدين يضع الأمور سوية لير ما معناها. ولذا فالمقاربتان الفكريتان تختلفان جوهريًا. لا بل إنهما يستعملان قسمين مختلفين من الدماغ. العلم – لطبيعته التراتبية، الذرية، والتحليلية – هو من خواص القسم اليساري من الدماغ. الدين – لطبيعته التكاملية، الشمولية، والعلائقية – يرتبط أكثر بعمل القسم اليميني من الدماغ".

وأوضح الحاخام أن العداوة بين الدين والعلم هي من "لعنات عصرنا، وقد أساءت إلى الدين والعلم على حد سواء".

ثم انتقل إلى انتقاد أطروحة هوكينغ الأولى الواردة في كتابه "تاريخ الزمان الموجز" حيث يقول: إذا ما وجودنا سر العلم، النظرية التي تشرح كل شيء، لكنا فهمنا لم نحن والكون موجودون. لكنا عرفنا ما هو فكر الله". هذه الفكرة – بحسب ساكس – هي بدائية لدرجة يصعب التفكير بأن هوكينغ قد تفوه بها. فإذا ما اكتشفنا سر العلم لكنا عرفنا بالتأكيد "كيف" جئنا نحن والكون إلى الوجود، ولكن لما كنا عرفنا "لماذا".

ثم قال: "إن الكتاب المقدس يهتم بشكل نسبي جدًا بكيفية مجيء الكون إلى الوجود. فهو يكرس فقط 34 آية لهذا الموضوع. بينما يكرس 15 مرة عدد هذه الآيات ليشرح كيف بنى الإسرائيليون الهيكل في الصحراء. الكتاب المقدس يعتني بأسئلة مختلفة كليًا. أسئلة الكتاب هي: من نحن؟ لماذا نحن هنا؟ كيف يجب أن نعيش؟"

لهذه الأسئلة وليس للمسائل العلمية نحن نسعى لمعرفة فكر الله.

أطروحة هوكينغ الثانية تنفي الأولى. فبحسب النظرية الثانية، الكون خلق نفسه بنفسه. وحجته هي أن سعة الكون وتشابه بعض كواكبه يجعل الصدفة أمرًا ممكنًا، ولذا يمكن للكون أن يكون وليد الصدفة. هذه الكلمات – بحسب الحاخام ساكس – هي بعيدة عن الحكمة وأناقة الكون. إنها تعبير عن علم يريد أن يتنكر بثياب الدين، وهو سخيف بقدر دين يريد أن يتنكر بثياب العلم.

الله ليس خلاصة من خلاصات المعادلة الكونية

لا تزعم بأننا سنقدم الحل لمشكلة العلاقة بين العلوم والإيمان، ولكن لا يسعنا إلا أن نقول كلمة بشأن مجال بحث كل من العلوم. إن إدعاء علماء الفيزياء أو البيولوجيا بأن تقدم من خلال نتائج حقلها العلمي خلاصات تنطبق على حقول أخرى هو خطأ يشابه من يريد أن يقرأ الموسيقى الموجودة على القرص المضغوط (compact disc) مستعملاً قارئ الأقراص الموسيقية القديمة  المعروف بالفونوغراف. إن إبرة الفونوغراف لا تصلح لقراءة الأقراص المضغوطة، وبشكل مماثل أدوات ووسائل العلوم المخبرية لا تصلح للحصول على نتائج في حقل الإلهيات.

هذا وإن تحليلات هوكينغ، رغم إبداعها الفيزيائية، حالما تتطرق إلى مواضيع تخرج عن إطار تخصصه نراه مبنية على سفطائية في حقل المنطق. نقدم مثالاً سفطائيًا لتوضيح ما نريد أن نقوله. أحد الأمثلة السفسطائية الكلاسيكية هو:

كل إنسان فانٍ

كل حصان فانٍ

إذًا كل إنسان حصان.

لمن يُلمّ ولو قليلًا بعلم المنطق يعرف أن هذا التركيب لا ينخرط في إطار المقولة المنطقية (syllogism) المشروعة. ففي هيكلتها البسيطة يجب على المقولة المنطقية المبدأية أن تكون مركبة بهذا الشكل:

يجب على العنصر "أ" أن يكون مستخلصًا بكليته من العنصر "ب"، وعلى العنصر "ب" أن يكون بدوره قابلاً للاستخلاص بكليته من العنصر "ج"، الأمر الذي يجعل بالضرورة العنصر "أ" قابل للاستخلاص من العنصر "ج".

المثال على تركيب مقولة منطقية صحيحة هو التالي:

أرسطو إنسان

كل إنسان يموت

إذًا أرسطو يموت

إذا ما حولنا أن ننظر إلى أطروحة هوكينغ التي تزعم المنطقية نراه يقول:

الله ضروري لكي نشرح وجود الكون (هذه هي أطروحة هوكينغ الأولى في كتابه السابق)

يمكننا أن نشرح الكون بمعزل عن الله (هذه أطروحة هوكينغ في كتابه الجديد)

إذًا الله غير موجود.

التناقض المنطقي جلي وواضح، ولن نتوقف على تحليله، فما من ترابط بين الأطروحة الأولى والأطروحة الثانية، إنهما تصريحان مختلفان لا يساعدان على تقديم تضمين (inclusion) يساعدنا على استنتاج خلاصات ثالثة. ببساطة تصريح هوكينغ لا يتبع التركيبة المنطقية ولا يمكن استخلاص النتيجة الأخيرة من دمج الكبرى والصغرى، وذلك لأن التركيبة بحد ذاتها ناقصة.

أما ما نريد التوقف عليه الآن ضيق نظر هذه الأطروحات.

أولاً: "الله ضروري لكي نشرح وجود الكون". هذه الأطروحة هي آفة الكثير من العلوم انطلاقًا من ديكارت. هذا خطأ! الله ليس ضروري لشرح الكون. الله أخلى ذاته خالقًا الكون حرًا، ودراما البشرية هو هذا: أن الله ليس جزءًا من المعادلة الكونية والدنيوية لكي نستخلصه من الأشياء. المسيرة نحو معرفة الله لا تمر بالضرورة في الإطار الكوني. ومع أن "السماوات تنطق بمجد الله والجلد يخبر بعمل يديه" (مز 18) إلا أن إلهنا يبقى إلهًا خفيًا ومتساميًا (أش 45، 15) لا يقبل أن يدخل في معادلاتنا الحسابية. إن المبدأ الذي كان يعتنقه هوكينغ في كتابه السابق هو مبدأ يعرف باللاتينية بـ "deus ex machina" الذي يمكننا أن نشرحه بهذا الشكل: الله ضروري لنفهم الوجود. هذا المبدأ ينكر البعد الشخصاني والعلائقي لله ويحده في إطار حاجتنا البشرية للتفسير. استعمله ديكارت ليجلو شكه حول وجوده، وجود النفس ووجود العالم المادي فأضحى الله بالنسبة له وسيلة لا غاية، آلة لا شخصًا. استعمال الله بهذا الشكل قد لا ينافي المنطق ولكنه بكل تأكيد ينفي العلاقة وأناقة الوجود: كما ولو ربطنا وجود آبائنا بحاجتنا إلى الإرث وإلى تعليل وجودنا. تفكير محدود ويخرج من إطار العلاقة الشخصانية التي يجب أن تربطنا بالله (وبكل إنسان!).

أما الوحي فيكشف لنا عن إله أفرغ ذاته عندما خلق (وليس فقط عندما تجسد يسوع!) مفسحًا المجال للخليقة لكي تكون، ولكي تكون مختلفة عن الله. يشرح المتصوفون هذا الواقع بصور تبين الفكرة: بما أن الله هو كل شيء وهو الموجود الوحيد من الأزل، عندما خلق أفرغ جزءًا من وجوده من ذاته لكي يفسح للكون المجال بالوجود وللإنسان بالمجال لكي يكون حرًا ويجب بحرية على الدعوة إلى الحب. هذه الصورة البسيطة لا تشرح سر الخلق ولكنها تفتح لنا طاقة صغيرة على الفهم.

وعليه، فالله ليس ضروريًا لفهم الكون، لأنه شاء أن يكون الكون كواقع مستقل. أجل، الله يحفظ الكون في الوجود ولكنه – أعتذر على السخرية – لا ينشر إنجازاته في كل الصحف. عمل الله خفي وهو التواضع الحقيقي. هذا التواضع الذي تجلى في اتضاع يسوع المسيح وحياته الخفية كان شكًا على مدى التاريخ، شكك أيضًا معاصري يسوع، ولكنه بالحقيقة عظمة الله. فيسوع، عندما يدعو إلى الاقتداء به – هو "صورة الله غير المنظور" – لم يقل اقتدوا بعظمتي، بل "تعلموا مني أني وديع ومتواضع القلب" (مت 11، 29). تواضع الله هو إشعاع عظمته، الله أكبر لأنه وحده رغم كبره يعرف كيف يتواضع حقًا، يتواضع ليفسح مجالاً للخليقة لأن تكون. يتواضع لكي يكون الكون حقًا، ولا يكون مجرد تمثيلية دمى يحركها جبار متشامخ. الله عظيم لأنه خلق كونًا يستطيع أن يقوم بذاته، وبما أنه يستطيع أن يقوم بذاته يستطيع أن يقول لا. وبما أنه يستطيع أن يقول "لا" تأخذ كلمة "نعم" كامل معناها. الكون – في الإنسان – يستطيع أن يقول نعم بحق وحقيق لدعوة الله للولوج في سر المحبة.

 

الكون ينطق بمجد الله

لننتقل إلى الفكرة التي يعتبرها هوكينغ السبب في تغيير رأيه: أن الكون واسع جدًا لدرجة أنه لا يمكن أن يكون الله خلق كل هذا الكون للإنسان.

هناك أيضًا التركيبة المنطقية سخيفة:

الكون واسع جدًا

الدين يقول أن محور الكون هو الإنسان

هذا الأمر ليس منطقيًا إذا علم الفيزياء يستطيع أن يقول أن الله غير موجود.

تتوارد إلى ذهني كلمة أينشتاين: "هناك أمران لا متناهيان: الكون وغباوة الإنسان. ولكن عندي بعض الشكوك بأن الأول هو حقًا لامتناهٍ".

هل الكون لامتناهٍ؟ بكل بساطة الأمر لا يهمني لأن وجود الله لا يرتبط بهذا الأمر. فليمتّع العلماء فضولهم في البحث عن حدود الكون. بارك الله عملهم! ولكن حذار أن يؤدي سفرهم إلى حدود اللامحدود إلى ضياع حقائب الذكاء. بأي حق يخلُص مرء إلى أن شخص آخر غير موجود لأنه على ما يبدو كان مبذّرًا؟!! أليس هذا ما يقوله هوكينغ؟ - العالم واسع إذَا الله غير موجود!! والداعي إلى ذلك؟ لأنه بحسب ما يقول هوكينغ من السخافة أن نعتقد أن الله خلق كل هذا الكون من أجل الإنسان.

أود أن أتوقف هنا لأستعرض بعض خصائص الكائن البشري نسبة إلى المخلوقات الأخرى. في نظرة ظواهرتية إلى الخلائق نجد أنه بقدر ما ترتفع المخلوقات في سلم التطور والتعقيد الجيني نراها تنفتح أكثر على أبعاد جمالية وفنية لا توجد في مخلوقات أدنى. فالإنسان يستطيع أن يميز بين لوحة لبيكاسو ولوحة لبوتيتشلّي ولوحة خشبية بسيطة، بينما الحيوانات لا تميز بين هذه الأمور. إنها لوحات وحسب بالنسبة لها. ولكن ما هي الجماليات؟ ما هو الفن؟ إنه أمر لا نفع له بالمعنى المباشر: إنه لا يفيد للحاجات الأولية: الغذاء، الخباء... ومع ذلك، ما معنى الوجود لولا هذا البعد الجمالي، البعد الشعري، بعد اللقاء، بعد الحلم، بعد البسمة؟ إن هذه الأمور الإضافية، الفائضة هي التي تضفي غنىً خاصًا على الحياة البشرية.

لا يمكننا أن ننظر إلى الكون نظرة بخل، فالخلق بحد ذاته هو فعل سخاء من قبل الله. وهوكينغ ليس أول من يدرك بذخ الله في الكون. فكتاب أيوب، والمزامير وسواها من أسفار الكتاب المقدس غنية بهذه التساؤلات عن سعة الكون والعظمة المتجلية فيه. ولكن هذا التساؤل لا يؤدي في الكتاب المقدس إلى نفي الله بل إلى تسبيحه وتعظيمه، وإلى التعجب من حكمته التي لا تسبر. على سبيل المثال، يتساءل سفر بن سيراخ: "من يعدّ رمل البحار، من يعد قطرات المطر وأيام المطر؟ من يعيش ارتفاع السماء واتساع الأرض وعمق البحار؟ " (سي 1، 2 – 3). ومن له الحكمة، تلك التي يفيضها الرب على من يحفظ الوصايا يستطيع أن يدرك عظمة الله في خلائقه، لأن السماوات تنطق بمجد الله والجلد يخبر بعمل يديه" (مز 18، 1).

يتوارد إلى ذهني بيت من أشعار أبي العلاء المعري القائل:

"عجبي للطبيب كيف يلحد               بعد درسه التشريحا"

العظمة التي يشع بها الكون تحدثنا عن الله. أليست هذه خبرة صاحب المزامير في المزمور الثامن؟

"أيها الرب سيدنا ما أعظم اسمك في الأرض كلها! لأعظمن جلالك فوق السموات

بأفواه الأطفال والرضع أعددت لك تسبيحًا [...].

عندما أرى سمواتك صنع أصابعك والقمر والكواكب التي ثبتها

ما الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده؟

دون الإله حططته قليلا بالمجد والكرامة كللته

على صنع يديك وليته كل شيء تحت قدميه جعلته

الغنم والبقر كلها حتى بهائم البرية

وطير السمار وسمك البحر ما يجوب سبل البحار.

أيها الرب سيدنا ما أعظم اسمك في الأرض كلها!"

إن عظمة الخليقة لصاحب المزامير ليست سبب شك، بل سبب تواضع. فعندما نرى عظمة الخلائق نرى في مرآة مغبشة شيئًا من عظمة الخالق. ومن نحن لكي نحارج الخزاف على صناعته؟ ألا يمكننا أن نرى في عظمة الخليقة حافزًا أولاً يدفع (وقد دفع بالفعل في تاريخ نشأة الأديان) يدفع الإنسان إلى التساؤل عما إذا كان هناك واقع أبعد من الوجود اليومي البحت والباهت.

ولكن لرؤية عظائم الله لا بد من الولادة من جديد، لا بد من قلب طفل بسيط، هذا القلب الذي يشابه قلب يسوع والذي دفعه يومًا إلى التهلل: "أحمدك يا أبت، رب السموات والأرض، على أنك أخفيت هذه الأشياء على الحكماء والأذكياء، وكشفتها للصغار. نعم يا أبت، هذا ما كان رضاك. قد سلمني أبي كل شيء، فما من أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا من أحد يعرف الآب إلا الابن ومن شاء الابن أن يكشفه له" (مت 11، 25 – 27).

فلنختم هذه المقالة بصلاة بسيطة، طالبين من الرب تلك الحكمة التي تتغنى بها الأسفار الحكمية في الكتاب المقدس، حكمة القلب التي ترى الكون وجميع الأمور كما يراها الله. فليفعل الرب لنا ما يقوله كتاب ابن سيراخ: "القى عينه في قلوبهم ليريهم عظائم أعماله" (سي 17، 8). فليضع الرب عينه في قلوبنا فيكون لنا مشاعر يسوع المسيح ونظرة يسوع المسيح إلى الكون. آمين.

Fiesta de San Francisco de Asís

Fiesta de San Francisco de Asís.

...

Lord, make me an instrument of your peace. Where there is hatred, let me sow love; where there is injury, pardon; where there is doubt, faith; where there is despair, hope; where there is darkness, light; and where there is sadness, joy.O Divine Master, grant that I may not so much seek to be consoled as to console; to be understood as to understand; to be loved as to love. For it is in giving that we receive; it is in pardoning that we are pardoned; and it is in dying that we are born to eternal life. Amen.++++++++++++Señor Hazme un instrumento de tu paz. Donde haya odio siembre yo tu amor. Donde haya injuria perdón. Donde haya duda fe, donde haya deseperación esperanza; donde haya oscuridad déjame traer luz y dónde haya tristeza alegría.Oh divino Maestro, concédeme que no busque ser conolado sino consolar; ser comprendido sino comprender; ser amado sino amar. Es dando que recibimos; es perdonanado que somos perdonados y es muriendo que nacemos a la vida eterna. Amén.

موقف الأنبياء والسيد المسيح من العبادة والهيكل والسياسة ...

موقف الأنبياء والسيد المسيح من العبادة والهيكل والسياسة

وأُعتبرت الازدواجيّة الدينية من أكثر مشاكل العبادة الَّتي حاول الأنبياء التصدي لها. وقد ظهرت نتيجة لاحتكاك شعب الله الشعب الكنعاني ودخول عبادة البعل كعبادة ضمن عبادات الشعب الإسرائيلي. ومن أهم الأحداث الَّتي توضح صراع الأنبياء الشديد للتصدي لذلك هو: أيليا الَّذي ذبح كهنة البعل 450 على جبل الكرمل لإثبات أن يهوه هو الإله الحقيقي الَّذي تجب له العبادة.وقد حارب هوشع الازدواجية الدينية القائمة على عبادة يهو وعبادة البعل في ذات الوقت، لدرجة أن الجمع بين العبادتين حتى في داخل الهيكل، أقدس أماكن عبادة يهوه، وممارس البغاء المقدس. ومن الجدير بالذكر أن ومحاربة هوشع كانت ضد عقلية كنعانية تغلغلت في فكر الشعب لدرجة أنها أصبحت تمثل خطراً على عبادة يهوه ذاتها، لأن الشعب بدأ في الاعتقاد بأن يهوه هو إله الماضي، إله الصحراء الَّذي كفَّ عن صنع المعجزات، ولهذا نجد هوشع يؤكد على كون إله الصحراء هو ذاته إله كلّ الأرض، هو الإله دوماً.

 

1- الأنبياء والهيكل:

الهيكل بناء مخصص لعبادة الإله وموقف الأنبياء من الهيكل هو موقف يدعو إلى الدهشة لما يتسم به من اختلاف، فبعضهم يدعو لأهمية الهيكل القصوى، والى ضرورة إعادة بناءه، وبعضهم يدعو أن لا جدوا منه. فيقول حجاي: "أصعدوا إلى الجبل وأتوا بخشب وعيدوا بناء البيت فأرضى به وأظهر فيه مجدي، قال الرب" (حج1/8).   في حين أن أرميا يقول: "أتسرقون وتزنون وتقلون إننا مُنقَذون، أفصار هذا البيت الَّذي دعي اسمي عليه مغارة للصوص أمام أعينكم؟ هذا ما رأيت يقول رب الجنود" (ارم7/1-11). في الحقيقة لا يوجد اختلاف حقيقية بين موقف الأنبياء من الهيكل، فالأنبياء لم يرفضوا الهيكل في ذاته بل رفضوا اعتماد الشعب المطلق على الهيكل وكأن بالهيكل الخلاص، رفضوا ممارسات الشعب الخاطئة في الهيكل، رفضوا ازدواجية موقف الشعب الَّذي من ناحية ينهب ويسرق ومن ناحية أخرى يذهب للهيكل ليصلي ويتعبد، أي أن الأنبياء رفضوا الاعتقاد السائد بأن وجود الهيكل هو الضمان المطلق لحضور الله، وقاوموا اختزال حضور يهوه فقط داخل الهيكل معلنين أن إرادة الله هي التواجد في كلّ العالم.

 

2- الأنبياء والسياسة:

إن النبي لا يستطيع أن ينغلق على الأمور الأخلاقية أو الدينية فقط، ولا يمكنه الصمت أمام الأوضاع السياسية الخاطئة، ولهذا تحتل السياسة مكانة مهمة في رسالة النبي، لدرجة أنه يبدو أن رسالة النبي تقتضي بشكل أو بأخر أن يكون مسؤولاً عن إعلان رأيه بصراحة وشجاعة في الأمور السياسية. وقد مارس كلّ نبي هذه المهمة بطريقته الخاصة، وحتى إذا كان يصعب علينا أن نفهم معنى تدخلاتهم، إلاَّ أنهم يسهل فهم وإدراك دوافعهم: فالأنبياء يعرفون مدى وطأة الأمور السياسية على إيمان الشعب، ومدى وجوب تأثر الأمور السياسية بإيمان الشعب. فموقف الأنبياء من السياسة هو تأكيد على التواصل الموجود بين الإيمان وكل أبعاد حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية… فقد لعب صموئيل دوراً هاماً في بداية الحياة الملكيّة (1صم8-10) كما دعا الله إيليا وإليشع لكي يقلبا ملوك دمشق والسامرية (1صم19: 15-18و2مل9: 10).

وهناك مَنْ اتهم الأنبياء بأنهم أناس سذج يتعاملون مع القوى الأجنبية المحتلة ويعملون لصالحها: إليشع مع دمشق، اشعياء مع أشور، ارميا مع بابل، عاموس مع يهوذا… ويبررون هذه الخيانة باعتبار أن هذه القوى هي أداة عقاب الله نتيجة لمعصية الشعب، ولا فائدة من مقاومتهم، لأن الطريقة الوحيدة هي التوبة والعودة لله… وهم بذلك يعملون على اغتراب الشعب وعلى جعله يحيا في أوهام… إن هذه الاتهامات لرسالة الأنبياء لا تراعى كون الأنبياء لا يستطيعون الصمت أمام الأوضاع الَّتي يحياها الشعب. وأن تدخلهم في السياسة لا ينبع إلاَّ من إيمانهم العميق بأن "إيمان الشعب يجب أن يظهر في سياسته، وأن سياسته يجب أن تعكس إيمانه"، وبالتالي فتدخلاتهم هي إيمانية أكثر من كونها سياسية بالمعنى الدقيق للكلمة، تدخلات تعكس إيمانهم العميق بكون الله هو سيد التاريخ، الحاضر في التاريخ، والمتحكم فيه، فقوة يهوه هي الَّتي تتحكم في كلّ القوى الأخرى.

ثانياً: المسيح والعبادة والهيكل والسياسة

تابع المسيح في العهد الجديد مسيرة أنبياء العهد القديم فكان بالنسبة لمستمعيه نبياً "لقد قام بيننا نبي عظيم، وافتقد الله شعبه" (لو7/46)، واعتبر يسوع نفسه نبياً "ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه و في بيته"، وأيضاً "لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم". وقد مارس يسوع النبوة بأسلوب جديد، وبإبداع جديد، فاستخدم لغة واقعية بسيطة تفضح التباس رؤساء الدين والسياسة في عالمه.

 

1- يسوع والعبادة:

إن موقف يسوع من العبادة لا يختلف عن موقف أنبياء العهد القديم، فهو يندد بكل أشكال العبادة الظاهرية والخارجية وينادي بعبادة "بالروح والحق"، وبصوم لا يقوم على المظاهر الخارجية. وقد مارس هو ذاته العبادة فكان يذهب إلى الهيكل ليصلي مع تلاميذه، واهتم بطريقة شديدة بالصلاة فنجده في بعض الأحيان يقضي الليل كله في الصلاة "وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله" (لو  6 :  12)، فكان المسيح بحق رجل عبادة، رجل صلاة، فيذكر الكتاب أنه "وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردا ليصلي ولما صار المساء كان هناك وحده" (مت  14 :  23). وقد دعى أتباعه إلى ممارسة العبادة الحقيقية "وانتم متى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم  وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك و صل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية" (مت  6 : 5- 6). ويقول صراحة أنه "حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم" (مت  6 :  7). وقد انتقد بشدة الكتبة والفريسيين قائلاً: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلة تطيلون صلواتكم لذلك تأخذون دينونة اعظم" (مت  23 :  14). وأيضا "الذين يأكلون بيوت الأرامل ولعلة يطيلون الصلوات هؤلاء يأخذون دينونة اعظم" (مر  12 :  40). وأعلن أن الله يرفض الصلاة الَّتي تنبع من موقف تعالي ويقبل الصلوات النقية النابعة من موقف تواضع (مثل الفريسي والعشار).

وكانت دعوة المسيح لاتباعه بالصلاة واضحة "صلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (لو  22 :  46). وبعد صعوده ووعده بإرسال الروح نجد أن الحلول يتمّ في جو عبادة حقيقية "هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة و الطلبة مع النساء و مريم أم يسوع و مع اخوته" (أع  1 :  14). ولأن يسوع أوضح أن العبادة الحقيقية هي بالروح والحق نجد أن التلاميذ والجماعة الجديدة بعد نوالهم يواظبوا على الصلاة وكسر الخبز "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل و الشركة و كسر الخبز و الصلوات" (أع  2 :  42)، ونستطيع أن نقول أن الصلاة هي الَّتي وحدت وساعدت على تكوين الجماعة المسيحية.

وخلاصة القول هي أن يسوع دعا إلى العبادة الحقيقية والبعيدة عن المظاهر الشكلية، مكملاً بذلك دعوة أنبياء العهد القديم، ومظهراً أن الله لا يفرح سوى بالعبادة النابعة من قلب طاهر. وقد نهج التلاميذ والجماعة المسيحية الأولى نفس النهج فكانت الصلاة أهم ركائز هذه الجماعة.

 

2- يسوع والهيكل:

علاقة يسوع بالهيكل هي علاقة فريدة، فالروح يقود أبواه ليقدماه في الهيكل وهو صغيراً "فآتى بالروح إلى الهيكل و عندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس" (لو 2 :  27). وعندما بلغ الثانية عشر قد ترك أمه ويوسف ثلاثة أيام ليمكث في الهيكل معتبراً أن عليه أن يكون فيما لأبيه (لو2/47). وقد أتخذ الهيكل مادة لبعض أمثاله (الفريسي والعشار)، ومكاناً لكثير من معجزاته (شفاء الرجل ذي اليد اليابسة)، وموضعا لكثير من تعاليمه ("كان يعلم كل يوم في الهيكل وكان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون أن يهلكوه "(لو19:  47))… وقد اتخذ موقفا عنيفا أمام تعديات الشعب في الهيكل  فيطرد الباعة "ودخل يسوع إلى هيكل الله واخرج جميع الذين كانوا يبيعون و يشترون في الهيكل و قلب موائد الصيارفة و كراسي باعة الحمام، و قال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى و انتم جعلتموه مغارة لصوص". (مت21 :12-13)، ويضيف مرقس "ولم يدع أحدا يجتاز الهيكل بمتاع" (11 :  16)، وهذا لأن يسوع يعلن صراحة أن الهيكل هو بيت أبيه.

 وساعة القبض عليه أبدى استعجابه من الطريقة الَّتي أتوا بها إليه "في تلك الساعة قال يسوع للجموع كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني كل يوم كنت اجلس معكم اعلم في الهيكل ولم تمسكوني" (مت26 :  55)، وأمام حنان يجيب "يسوع أنا كلمت العالم علانية أنا علمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما وفي الخفاء لم أتكلم بشيء" (يو  18 :  20)، وأيضا ( مت 26 : 59 - 66 ، مر 14 : 55 - 64، لو 22 : 66 - 71 ). وكانت إحدى الاتهامات الموجه إليه هي أنه "و قالا هذا قال إني اقدر أن انقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام ابنيه" (مت  26 :  61)، ولهذا "كان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، أنقذ نفسك" (مر  15 :  29). والغريب أن حجاب الهيكل ينشق عند موته على الصليب "انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى اسفل" (مر  15 :  38).

ومن كلّ ما سبق يتضح لنا أن علاقة المسيح بالهيكل كانت علاقة فريدة بدأت حين قدماه والديه وهو طفل صغير واستمرت طيلة حياته ورسالته وحتى لحظة موته على الصليب. علاقة تميزت بالارتباط الشديد بالهيكل، "ولكن أقول لكم إن ههنا اعظم من الهيكل" (مت  12 :  6)، وذلك لأن الهيكل كرمز لحضور الرب وسط شعبه أصبح في المسيح حقيقة "عمانوئيل". إلاَّ أن المسيح في ذات الوقت انتقاد بشدة كلّ  ممارسات الشعب الخاطئة في الهيكل. فاصبح المسيح بذلك هو التحقيق الكامل للهيكل الحقيقي.

وقد أثرت علاقة المسيح بالهيكل على التلاميذ فنجدهم بعد صعوده يذهبون إلى الهيكل ليصبح الهيكل هو مكان عبادة الشعب الجديد "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج و بساطة قلب" (أع  2 :  46)، واستمر ذلك إلى أن بدأت الجماعة المسيحية الأولى في الاستقلال.

ومن الجدير بالذكر أن بولس الرسول كمال على نهج المسيح، ففي حين أعلن يسوع أنه هو ذاته الهيكل، بل وأعظم من الهيكل "لكن أقول لكم أن ههنا اعظم من الهيكل" (مت12 :6). نجد بولس يعلن قائلاً: "أما  تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو  3 :  16)، و"أن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لان هيكل الله مقدس الذي انتم هو" (1كو  3 :  17)، "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم" (1كو  6 :  19). كذلك نجد أن أحداث سفر الرؤيا تتم أغلبه في الهيكل، إلاَّ أن سفر الرؤيا يعلن عن هيكل الجديد وارض الجديد والسماء الجديدة فيقول: "ولم أر فيها هيكلا لان الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها" (رؤ21 :22).

 

3- يسوع والسياسة:

واجه يسوع بشدة رغبة الشعب في مسيا سياسي، ورفض هذا التصور الخاطئ للمخلص المنتظر، فالشعب الَّذي كان يحلم بمخلص سياسي يخلصه من وطأة الاستعمار الروماني حاول بمختلف الطرق دفع يسوع إلى دائرة السياسة. ولهذا فقد كانت هذه الرغبة من قبل الشعب من أكثر الأمور الَّتي قاومها يسوع. وعندما أراد الفريسيون أن يصطادوه بكلمة.وسألوه: ماذا تظن أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا. فعلم يسوع خبثهم و قال لماذا تجربونني يا مراؤون. اروني معاملة الجزية فقدموا له دينارا. فقال لهم لمن هذه الصورة و الكتابة. قالوا له لقيصر فقال لهم أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله" (مت21/21-24). وبهذه العبارة الموجزة يوضح أنه يجب التمييز بين ما هو سياسي وما هو ديني، فأخطر تجارب الدين هي اعتبار الدين سياسة والسياسة دين "دين ودولة"، فصحيح أنه لا يمكن الفصل الكامل بينهما إلاَّ أنه يلزم التمييز الدائم بينهما. فيسوع نفسه أنتقد هيرودس ووصفه بالثعلب "في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج و اذهب من ههنا لان هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم امضوا و قولوا لهذا الثعلب ها أنا اخرج شياطين و اشفي اليوم و غدا و في اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي أن أسير اليوم و غدا و ما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم" (لو13/32//). وذلك لأن النبي كما سبق واشرنا لا يستطيع أن يتخذ موقف اللامبالي أمام الأحداث…

 

ثالثاً: نحن والعبادة والهيكل والسياسة

أسس المسيح الكنيسة لتكون صدى لصوته النبوي في كلّ العصور وفي كلّ العالم. وهذا هو هدف ورسالة الكنيسة. فمن الصعب أن نتصور كنيسة خالية من كلّ طابع نبوي، وإلاَّ تخون الإنجيل، فالإيمان المسيحي، بهذا المعنى، هو تأكيد على أن في المسيح تمام البشرى النبوية، من حيث إنه هو الكاهن والنبي والملك، وبأن المسيحيون بنوالهم المعمودية يشتركون في وظائف المسيح الثلاث: الكاهن (الهيكل)، والنبي (العبادة)، والملك (السياسة)، وبالتالي لا يمكن الفصل بين الدعوة المسيحية وبين الهيكل (الكهنوت) أو العبادة (النبوة) أو السياسة (الملك)، فكل مسيحي بالمعمودية يشترك في كهنوت المسيح العام. هذا ما شدد عليه المجمع الفاتيكاني الثاني الَّذي أبرز من جديد دور المسيح ككاهن ونبي وملك، مؤكدا أن ذلك هو ذاته دور كلّ المؤمنين بالمسيح، فشعب المسيح يشارك المسيح في وظائفه.

وخلاصة القول هي أن الكنيسة (جماعة المؤمنين) هي مشاركة للأنبياء وللمسيح في رسالتهم النبوية، وبالتالي فهي مدعوة لتكون دائما ضمير المجتمع اليقظ، وصوت الحق الصارخ، وصوت كلّ من لا صوت له.فالمسيح قد أودع المؤمنين به رسالته ذاتها، فلا يسقطوا في تجربة "العبادة الظاهرية"، أو تجربة "الاعتماد على الهيكل الخارجي"، أو تجربة "الدين والدولة". فالمسيح كسائر الأنبياء يدعو إلى المستحيل. ومستحيل يسوع هو المحبة، وهو الالتزام الحرّ بعيش العبادة بروح الأنبياء، والى عيش الإيمان بجرأتهم، والى الدفاع عن الحق بنفس جسارتهم. وبعبارة أخرى يمكننا القول بأن المسيح لم يضع بمجيئه حداً لزمن الأنبياء، ولم تنته الحركة النبوية. وكونه كمال رسالة الأنبياء يعني أنه ختم حلقة أنبياء إسرائيل، لكن الله ما برح يختار أنبياء لكنيسته يواصلون مهمة ابنه النبوية. ألم يردد بطرس الرسول بعد العنصرة كلام النبي يؤيل "وفي تلك الأيام أُفيض روحي على كلّ ذي بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم. ويرى شبانكم رؤى وشيوخكم أحلاماً" (راجع: أع 2: 17-21، يؤ3: 1-5)، وبالتالي فكل مسيحي بفضل عماده وتثبيته هو خليفة للأنبياء، وعليه متابعة دور المسيح النبوي أي شاهداً للمسيح ولسان حال الله الآب والروح بين جميع البشر.

من يفوز ضبط النفس أم الذكاء؟!

من يفوز ضبط النفس أم الذكاء؟

--إن النتيجة غالباً ما ستكون أن المجموعة لن تستطيع أمام الجوع أن تقاوم أغراء الطعام ورائحته، وسيبدأ واحد منهم بالبحث عن مبرر مقبول كالقول: "سندوتشاً باليد خير من وجبةٍ في الغيب"، أو "بالنسبة لي يكفي السندوش، بلاش طمع"، ومع بداية واحد ستخور مقاومة الأخرين، ولن يستطيع أن ينتظر إلا من كان منهم لديه قدرة على "ضبط النفس".

ومن ثمَّ يمكننا القول بأن الذكاء لا يعني بالضرورة القدرة على ضبط النفس بل إنه أحيانا يضعف ضبط النفس حين يبدأ العقل في البحث عن حجج ومبررات منطقيّة ومقبولة، حجج ترضى الكبرياء الذاتي حتى بقلب الحقائق في كثير من الأحيان. بل وأكثر من ذلك فضبط النفس يؤثر تأثيراً كبيراً جداً على الذكاء، فالإنسان بمجرد أن يفقد تحكمه بذاته يفقد بذات الفعل مقدرته على استخدام ذكائه، ومن ثمَّ القدرة على التحكم في أقواله وأفعاله فتخرج عنه بعض الأفعال التي كلما يحاول اخفائها كلما تزداد قوتها، وكلما يحاول إنكارها كلما تتحكم فيه أكثر.

 

  --   كيف يمكننا التحكم في أنفسنا لاسيما في المواقف الصعبة والمحرجة وأمام الاختيارات المصيريّة؟ وما هي التمارين التي يجب أن نقوم بها حتى ننعم بهذا الصفة، التي يمكنها أن تعطي لحياتنا طعماً وشكلا مختلفين؟

في البداية يجب التأكيد على: ان ضبط النفس لا يعني البرود أمام المواقف الصعبة، بل يعني أن الشخص برغم المواقف الصعبة لا يزال متحكما في تصرفاته، وفي ردود افعاله، وفي هدؤه. وهو التحكم الذاتي، وصدق من قال: "منْ يتحكم في نفسه يتحكم في كل العالم".

 

  --   ان ضبط النفس، مثله مثل كل الفضائل الأخرى، هو ثمرة جهد صادق ومحاولات عديدة. فهو فضيلة لا تهبط من السماء جاهزة، بل تنمو بالمصابرة وتترعرع بالتدريب.

وإليكم بعض النصائح المفيدة لاكتساب هذه الصفة:

 

    أولا: "كن إيجابياً في طريقة تفكيرك"، في البداية يجب أن نعرف أننا "أبناء أفكارنا"، فمَنْ يفكر بطريقة سلبية يحيا بطريقة سلبية، ومن كان ايجابيا في تفكيره سيكون بذات الفعل ايجابياً في حياته. فشخص يفكر دائما بأنه: "لا يستطيع أن يفعل هذا"، و"لا يمكنه الاقتراب من ذاك الشيء"، و"هو ضعيف أمام تلك الشخص أو الشيء"... هو شخص حبيس لمخاوفه، شخص مقيد بأفكاره السلبية وبمخاوفه المهمية. وبالتالي فالخطوة الأولى، بالنسبة له، يجب أن تكون تغير طريقة تقكيره، ويجب أن يُكوّن ايمانه بأنه "لا توجد أشخاص تُخوف وإنما توجد أشخاص تَخاف"، وأن الأشياء التي نعتقد أننا لا يمكن أن نواجها لن نستطيع أن نواجها مادمنا نعتقد ذلك. فأهم خطوات النجاح هي التغلب على الأفكار السلبية بزرع أفكار أخرى أيجابية.

    ثانياً: "كن منطقياً في حياتك"، فالخوف وفقدان الثقة بالنفس هما النتيجة لشخصية ترى الأمور فقط من زاويتها دون النظر للأبعاد الأخرى. فكلما أعتقد الشخص أنه مركز العالم وأن كل الأمور تدور حوله كلما تأثر تأثراً سلبيا بكل كلمة وكل حركة وكل همسة لا توافق اعتقاداته الشخصية. فبالطبع يجب أن نرى الأمور بأعيننا ولكن لا يجب أن نرفض أن يراها الأخرون بأعينهم.

      ثالثا: عندما تشعر بأنك بدأت تفقد ثقتك بنفسك حاول تطرد عنك مباشرة هذه الفكرة السلبية، وذلك بتحويل نظرك بطريقة إرادية على كل الأشياء التي توجد حولك، لأن هذا الفعل البسيط يجعل عقلك لا يتمحوّر حول هذه الفكرة السلبية، ومن ثمَّ تموت الفكرة، أو بالأحرى، تُجهض بدلا من أن تتعملق وتتحكم.

    رابعاً: الثقة في النفس ليست شيئاً مستقلا عن باقي عناصر الشخصية، وبالتالي فهي تنمو بنمو الشخصية وتتكامل مع باقي العناصر الأخرى، أي أنها لا يمكن أن تأتي بين ليلة وضوحاها بل تنمو مصاحبة لمسيرة النمو الشخصي، وهي، كباقي عناصر الشخصية، تحتاج إلى شيئين: المصابرة والوقت.

    خامساً: الثقة في الذات هي أبنه الثقة في الله، فمنْ يقول إنه يؤمن يجب أن يثبت ذلك بتسليم أمور حياته لله، وقد صدق أحد القديسين عندما قال: "أفعل مائة بالمئة وكأنك كل شيء، والله غير موجود، واترك لله مائة بالمائة وكأن الله كل شيء وأنت غير موجود"، فالإيمان يعني أن الانسان يجب أن يفعل كل ما بإستطاعته فعله معتمدا على كل قواه الشخصية والاجتماعية... تاركا لله، في النهاية، كل شيء لله. وهنا فقط يمكن للمؤمن أن يقول: "لتكن إرادتك لا إرادتي، ايماناً منه بأن "كل الأشياء تعمل للخير للذين يحبوا الله". فالإيمان إذا ليس عنصراً كماليّا للشخصية الثابتة بل هو العمود الفقري لها، والذي يجعلها تواجه أخطر الأمور دون أن تهتز ثقتها لا في نفسها ولا في ربها.

وختاماً ليس من السهل الإجابة على السؤال من يفوز منهما في الحياة ضبط النفس أم الذكاء؟ لأن الواحد يقوم على الأخر، ولأن الفائز هي في الأثنين هو الشخص ذاته...

 

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة