الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

قصة وعبرة " الملك المتخفي"

قصة وعبرة
الملك المتخفي
Click to view full size image
يحكى أن ملكا عظيما كان بين الحين والآخر يتحدث مع رعاياه متخفيا.
وذات مرة اتخذ شكل رجل فقير, وارتدى ثيابا بالية , وذهب الى أفقر أحياء مدينته. وهناك اختار أحد البيوت الفقيرة جدا وقرع الباب, وعندما دخل وجد رجلا يجلس على الأرض وسط الأتربة فجلس بقربه وأخذا يتحدثان معا. تكررت هذه الزيارة عدة مرات, حتى أن هذا الفقير تعلق بالملك وصارا صديقين.
وكان يحكي له عن أسراره وأتعابه كلها. وبعد فترة من الزمن قرر الملك أن يعلن لصديقه عن حقيقته. فقال له لست فقيرا مثلك , فالحقيقة أني أنا هو الملك , إنك تستطيع أن تكون غنيا , إنني أستطيع أن أصدر أمرا بتعينك في أعظم وظيفة, اطلب مني ما شئت وأنا أحققه لك.
فأجابه الفقير : ما هذا الذي فعلته معي يا سيدي؟ أتترك قصرك وتتخلى عن مجدك وتأتي لتجلس معي في هذا الموضع الرضيع , وتشاركني همومي وتقاسمني أحزاني ؟ لقد قدمت لكثيرين من رعاياك عطايا ثمينة, أما أنا فقد وهبت لي ذاتك . إن طلبتي الوحيدة هي أن لا تحرمني منك , وأن تظل دائما صديقي الذي أحبه ويحبني.

هذا ما عمله المسيح معنا, إذ أخلى نفسه آخذا صورة عبد , واتخذ جسدا وعاش به على أرضنا، بذل نفسه فدية لأجلنا.
فهل أدركت معنى ما عمله لأجلك؟
هل تطلب هدايا وعطايا من ذلك الملك؟
أم أنك تطلب المعطي نفسه؟
فما أكثر المرات التي نهتم فيها بعطايا الرب وليس بالرب المعطي

قصه و عبره عن الصليب " لاحمل صليبي بفرح "

لأحمل صليبي بفرح
 Click to view full size image
لاحظت الأرملة الجميلة أولادها الصغار يهربون من أمام وجهها عندما تعود من عملها مرهقة للغاية. تساءلت في نفسها: لماذا أحمل هذا الصليب الثقيل؟؟ لقد مات زوجي الحبيب وأنا في ريعان شبابي تاركا لي 3 أطفال..... وهاأنا أكد وأشقي كل يوم، ولا تفارق العبوسة وجهي. كرهني الجميع..... حتى أطفالي...... يهربون من وجهي إني لا أحتملهم وهم يلعبون ويلهون... ولكن ما ذنبي ؟؟ صليبي أثقل من أن يحتمل!!
ركعت الأرملة في احدي الليالي تطلب من الله أن يأخذ نفسها منها!!!!! فان صليبها لا يحتمل!!!!! وإذ نامت رأت في حلم أنها في غرفة مملوءة صلبانا، بعضها كبير والآخر صغير، بعضها أبيض والآخر أسود، وقد وقف بجوارها السيد المسيح الذي تطلع إليها في حنو وقال لها: "لماذا تتذمرين؟؟ اعطني صليبك الذي هو ثقيل عليك جدا، واختاري لنفسك صليبا من هذه الصلبان التي أمامك، ، لكي يسندك حتى تجتازي هذه الحياة." إذ سمعت الأرملة هذه الكلمات ..... قدمت صليبها بين يدي المسيح ....صليب حزنها المر.... ومدت يدها لتحمل صليبا صغيرا يبدو أنه خفيف . لكن ما أن رفعته حتى وجدته ثقيلا للغاية. سألت عن هذا الصليب، فأجابها السيد المسيح: " هذا صليب شابة أصيبت بالفالج في سن مبكرة وستظل كسيحة كل أيامها، لا تري الطبيعة بكل جمالها. ويندر أن يلتقي بها صديق يعينها أو يواسيها".
تعجبت المرأة لما سمعته ، وسألت السيد المسيح :" ولماذا يبدو الصليب صغيرا وخفيفا للغاية؟؟؟؟؟ أجابها السيد المسيح:"لأن صاحبته تقبلته بشكر، وتحملته من أجلي فتجده صغيرا وخفيفا للغاية"
تحركت الأرملة نحو صليب آخر يبدو أيضا صغيرا وخفيفا ، لكنها ما أن أمسكت به حتى شعرت كأنها قطعة حديد ملتهبة نارا. صرخت المرأة من شدة الحرق، وسقط الصليب من يدها. صرخت الأرملة: "صليب من هذا يا سيدي؟؟؟" أجابها السيد المسيح:"انه صليب سيدة زوجها رجل شرير للغاية، عنيف جدا معها ومع أولادها..... لكنها تحتمله بفرح وتصلي لأجل خلاص نفسه.
انطلقت نحو صليب ثالث يبدو أيضا كأنه صغير وخفيف ، لكن ما أن لمسته وجدته كقطعة جليد . صرخت: صليب من هذا يا سيدي ؟ أجابها: "هذا صليب أم فقدت أولادها الستة ... ومع كل ولد ينتقل ترفع قلبها إلى تطلب التعزية. وها هي تنتظر خروجها من العالم بفرح لتلتقي معهم في فردوس النعيم!" انطرحت الأرملة أمام مخلصها وهى تقول : سأحمل صليبي الذي سمحت لي به..... لكن..... لتحمله أنت معي أيها المصلوب... أنت تحول آلامي إلى عذوبة... أنت تحول مرارتي إلى حلاوة...
لأحمل معك صليبك بشكر... ولتحمل أنت معي صليبي يا مخلص نفسي

أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين 2012

أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين 2012
Click to view full size image
كُلُّنا سنَتَغَيَّرُ بِغَلَبَةِ رَبِّنا يَسُوعَ الْمَسِيح

راجع 1 كور 15: 51-58


اختار مجلس الكنائس العالميّ والمجلس الحبريّ لتعزيزي وحدة المسيحيّين هذه المراجع الكتابية لأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين لسنة 2012
Click to view full size image
نتغيّر بالمسيح الخادم

نلتقي بالمسيح الذي يتقدّم نحو الغلبة من خلال الخدمة. نراه كالذي «لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم وليبذل نفسَه فديةً عن كثيرين» (مر 10: 45). وبالتالي فإنّ كنيسة المسيح مدعوة إلى أن تكون جماعة خدمة. وإذا شرعنا سويًا، بمواهبنا المختلفة، كي نخدم البشريّة، عندئذٍ تظهر جليًّا وَحدتنا في المسيح.


من نبوءة زكريا 9: 9-10: ملكٌ عادلٌ ومنصورٌ ووديع
 إِبْتَهِجي يا بنتَ صِهيَونَ، واَهتفي يا بِنتَ أُورُشليمَ ها مَلِكُكِ يأتيكِ عادلاً مُخلِّصًا وديعًا راكبًا على حمارٍ، على جحشٍ اَبنِ أتانٍ. 10 سأقضي على مَركباتِ الحربِ في أفرايمَ، والخيلِ وأقواسِ القِتالِ في أورُشليمَ، فيَتكلَّمُ مَلِكُكِ بالسَّلامِ للأُمَمِ ويكونُ سُلطانُهُ مِنَ البحرِ إلى البحرِ ومِنَ النَّهرِ إلى أقاصي الأرضِ.


المزمور 131: لم يستكبر قلبي
ما أطيبَ وما أحلى أنْ يُقيمَ الإخوةُ معًا، 2 فذلِكَ مِثلُ الزَّيتِ الطَّيِّبِ على الرَّأسِ، النَّازِلِ على اللِّحيةِ، لحيةِ هرونَ، النَّازِلِ على طَوقِ قميصِهِ، 3 ومِثلُ نَدَى حَرمونَ النَّازلِ على جبَلِ صِهيَونَ. هُناكَ أوصى الرّبُّ بالبَركَةِ والحياةِ إلى الأبدِ.

من رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة روم 12: 3-8:
لنا مواهب مختلفة لخدمة بعضنا بعضًا 3 وأوصي كُلَّ واحدٍ مِنكُم بِفَضلِ النِّعمةِ الموهوبَةِ لي أنْ لا يُغاليَ في تَقديرِ نَفسِهِ. بَلْ أنْ يتَعَقَّلَ في تَقديرِها، على مِقدارِ ما قسَمَ اللهُ لَه مِنَ الإيمانِ. 4 فكَما أنَّ لَنا أعضاءً كثيرةً في جسَدٍ واحدٍ، ولِكُلِّ عُضوٍ مِنها عَمَلُهُ الخاصُّ بِه، 5 هكذا نَحنُ في كَثرَتِنا جسَدٌ واحدٌ في المَسيحِ، وكُلُّنا أعضاءٌ بَعضُنا لِبَعضٍ، 6 ولَنا مَواهِبُ تَختَلِفُ باَختِلافِ ما نِلنا مِنَ النِّعمَةِ: فمَنْ لَه مَوهِبَةُ النُّبوءَةِ فلْيَتَنبَّأْ وفقًا لِلإيمانِ، 7 ومَنْ لَه مَوهِبَةُ الخِدمةِ فلَيخدُمْ، ومَنْ لَه موهِبَةُ التَّعليمِ فليُعَلِّمْ، 8 ومَنْ لَه موهِبَةُ الوَعظِ فَليَعِظْ، ومَنْ يُعطي فَليُعطِ بِسَخاءٍ، ومَنْ يَرئِس فَليَرئِسْ باجتِهادٍ، ومَنْ يَرحَم فلْيَرحَمْ بسُرورٍ.

      من إنجيل القدّيس مرقس 10: 42-45:
ابنُ الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم 42 فدَعاهُم يَسوعُ وقالَ لهُم: «تَعلَمونَ أنَّ رُؤَساءَ الأُمَمِ يَسودونَها، وأنَّ عُظَماءَها يتَسَلَّطونَ علَيها. 43 فلا يكُنْ هذا فيكُم، بل مَنْ أرادَ أنْ يكونَ عَظيمًا فيكُم، فلْيكُنْ لكُم خادِمًا. 44 ومَنْ أرادَ أنْ يكونَ الأوَّلَ فيكُم، فليَكُنْ لجَميعِكُم عَبدًا. 45 لأنَّ اَبنَ الإنسانِ جاءَ لا ليَخدِمَهُ النّـاسُ، بل ليَخدِمَهُم ويَفديَ بِحياتِهِ كثيرًا مِنهُم.

-------------------------------------------

التأمّل الروحيّ

قد تحقق مجيء المسيح وإنتصاره في الخدمة. يريد يسوع أن تملأ روح الخدمة قلوب تلاميذه، ويعلّمنا أنّ العظمة الحقيقيّة تكمن في خدمة الله والقريب. يعطينا المسيح الشجاعة لنكتشف أنّ الخدمة، بالنسبة لله، هي السلطة الحقيقيّة، كما يقول أحد المسيحيّين من القرون الأولى.


إنّ نبوّة زكريا، التي تتحدّث عن ملكٍ منتصر ومتواضع، تحقّقت في شخص يسوع المسيح. هو ملك السلام الذي أتى عند ذويه في أورشليم، مدينة السلام. هو لم يدخل هذه الأخيرة بالحيلة أو بالعنف، بل بالوداعة والتواضع.

يصف المزمور 131، بطريقة موجزة إنما معبرّة، السلام الداخلي الذي ينتج عن التواضع. فصورة الأم وابنها تعني حنان الله وتدعو جماعة المؤمنين إلى الثقة به.

يحثّنا بولس الرسول على أن نقيّم ذاتنا بحشمة وتواضع وعلى أن نعي قدراتنا الشخصيّة. وإن وُجدت بيننا مواهب متنوّعة فنحن نكوّن جسدًا واحدًا في المسيح. في إنقساماتنا، أعطى الله مواهب مختلفة لكلٍّ من التقاليد، ونحن مدعوون إلى أن نضعها في خدمة بعضنا البعض.

"لأنّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم ويبذل نفسه فديةً عن كثيرين" (مر 10: 45). بقبوله أن يكون خادمًا إفتدى المسيح رفضنا بأن نخدم الله. فكان أمامنا المثال لإعادة العلاقات السليمة بين جميع البشر: "مَن أراد أن يصير فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا"، هذه هي المقاييس من الآن وصاعدًا للعظمة والصدارة.


يذكّرنا القديس بولس، في رسالته إلى أهل روما، بأنّ العطايا المختلفة التي مُنحت لنا (النبوّة، الخدمة، التعليم، الوعظ، العطاء، التدبير، الرحمة) تهدف إلى الخدمة. مهما كنّا مختلفين فنحن جميعًا جسدٌ واحدٌ وأعضاءُ بعضنا لبعض. وإن استعملنا مواهبنا المتنوّعة في خدمة البشرية نظهر للآخرين وَحدتنا في المسيح. عملُ المسيحيين المشترك في سبيل البشرية، لمحاربة الفقر والجهل، لحماية المقهورين، لنشر السلام والمحافظة على الحياة، لتطوير العلوم والثقافة والفن، هم تعبير عن المسكونيّة العملية التي تحتاجها الكنيسة والعالم. إن تمثّلنا بالمسيح الخادم نشهد بصدقٍ للإنجيل، فنلمس لا العقول فقط، بل أيضًا القلوب. هذه الخدمة المشتركة هي علامة لمجيء ملكوت الله، ملكوت المسيح الخادم


صلاة

أيها الإله القدير والأزلي، عندما سلك ابنك طريق الخدمة، سار بنا من عجرفة العصيان إلى تواضع القلب. أعطنا أن نتّحد بعضنا مع بعض بروحك القدّوس، كي نعكس، من خلال خدمة إخوتنا البشر، وجهك الحقيقي، أنت يا من تحيا وتملك إلى دهر الداهرين. آمين.
أسئلة للتفكير

1 - ما هي الخدم الأكثر تهديدًا من الكبرياء والعجرفة؟
2 - ماذا يجب أن نفعل كي تصبح مجمل المسؤوليات في الكنائس وسيلة للخدمة؟
3 - في مجتمع اليوم، ماذا يمكن للمسيحيّين المنتمين إلى تقاليد كنسيّة مختلفة أن يفعلوا سويًا، لا كلاً على حدة، كي يُظهروا وجه المسيح الخادم؟
Click to view full size image

صلاة من أجل وحدة المسيحيّين:

أيّها الرَّبُّ يسوع، يا مَن، في ليلةِ إقبالِه على الموت مِن أجلِنا، صلَّيتَ لكي يكونَ تلاميذُكَ بأجمعِهم واحدًا، كما أنَّ الآبَ فيكَ وأنتَ فيه.اِجعلنا نشعُرُ بعدمِ أمانتِنا، ونتألَّمُ لانقسامِنا. أعطنا صدقًا فنعرِفَ حقيقتَنا، وشجاعةًً فنطرَحَ عنَّا ما يكمنُ فينا مِن لامبالاةٍ وريبةٍ ومِن عداءٍ متبادل. اِمنحنا، يا ربُّ، أن نجتمعَ كلُّنا فيكَ فتُصعِدَ قلوبُنا وأفواهُنا، بلا انقطاع، صلاتَكَ مِن أجلِ وحدة المسيحيِّين، كما تريدُها أنتَ، وبالسُّبلِ الّتي تريدها. لنجِدْ فيكَ دائمًا، أيّها المحبَّة الكاملة، الطَّريقَ الّذي يؤدّي إلى الوحدة، في الطَّاعةِ لمحبَّتِكَ وحقِّكَ. آمين.

Click to view full size image
محطّات هامّة في تاريخ أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين
1740 وُلدت في اسكوتلندا حركة من الجماعة الخمسينيّة البروتستنتيّة وكان هدفها الدعوة الى الصلاة وتجديد الإيمان بالمشاركة مع جميع الكنائس الأخرى.  وكان القسّ الإنجيليّ جوناثان إدوارد يدعو الى يوم صلاة وصوم من أجل الوحدة، كيما تجد الكنائس كلّها الرغبة الرسوليّة.
1820 نشر القسّ هالداين ستيوارت "مقترحات" من أجل وحدة المسيحيّين الشاملة بواسطة حلول الروح القدس.
1840 دعا القسّ إغناطيوس سبنسر، قسّ أنغليكانيّ ارتدّ لاحقاً الى الكاثوليكيّة، الى إنشاء "إتّحاد الصلاة من أجل الوحدة"
1867 في مقدّمة مقرّراتها، شدّدت الجمعيّة العامّة لأساقفة الكنيسة الإنغليكانيّة في لامبث على أهمّية الصلاة من أجل الوحدة، وأعادت التذكير بهذا في الإجتماعات اللاّحقة.
1894 شجّع البابا لاون الثالث عشر في كتابات مختلفة، على أهمّية تطبيق "ثُمانيّة" الصلاة من أجل الوحدة في زمن العنصرة.
1908 بدأ القسّ بول واطسن لأول مرّة بالإحتفال بثمانيّة الصلاة من أجل الوحدة في نيويورك آملاً أن تصبح شائعة في الكنائس كلّها.
1926 بدأت حركة "إيمان وتنظيم" بنشر مقترحات من أجل ثُمانيّة الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين.
1935 بدأ الكاهن الكاثوليكيّ بول كوتورييه بالترويج بالأسبوع الشامل من أجل الصلاة من أجل وحدة المسيحييّن، ترتكز على "الوحدة التي أرادها المسيح، وبالوسائل التي يريدها هو".
1958 بدأ المركز المسكونيّ "الوحدة المسيحيّة" في ليون، فرنسا، بتحضير اسبوع الصلاة بالتعاون مع الجمعية "إيمان وتنظيم" المنبثق عن المجلس المسكونيّ للكنائس.
1964 البابا بولس السادس والبطريرك إثيناغوراس الأوّل صليّا معاّ في أورشليم صلاة يسوع "لكيما يكونوا كلّهم واحداً" (يو 17، 21) في السنة عينها صدر القرار حول العمل المسكونيّ في إطار المجمع الفاتيكانيّ الثانيّ، وشدّد على أن الصلاة هي روح الحركة المسكونيّة، مشجّعاً على المحافظة على أسبوع الصلاة من أجل الوحدة.
1966 قرّرت هيئة "إيمان وتنظيم" المنبثقة عن المجلس المسكونيّ للكنائس، أمانة سرّ المجلس الحبريّ من أجل وحدة المسيحيّين على إعداد النصّ الرسميّ لأسبوع الصلاة من أجل الوحدة كلّ سنة.
1968 تمّ الإحتفال للمرّة الأولى بأسبوع الصلاة من أجل الوحدة بحسب النّص الموحّد الّذي أعدّه "إيمان وتنظيم" و أمانة سرّ المجلس الحبريّ من أجل وحدة المسيحيّين.
1988 استُعملت صلاة اسبوع الوحدة في حفل افتتاح "الرابطة المسيحيّة في ماليزيا" وهي منظّمة تعمل على التنسيق والربط بين جميع الطوائف المسيحيّة في البلاد.
1996 إنضمّت الى المؤسّستين اللّتين تعنيا بتحضير النّص السنوي لأسبوع الصلاة منظّمتان أخريان علمانيّتان: الجمعيّة المسيحيّة للشبّان والجمعية المسيحيّة للشّابات (YMCA  وYWCA ).
2004 تمّ الإتّفاق بين الهيئات المعدّة للنص على طبع نصّ الصلوات تحت شكل موحّد يوضع في استعمال كلّ الكنائس والجماعات المسيحيّة وبالّلغتين الإنكليزيّة والفرنسيّة، وذلك بمجهود مشترك بين  "إيمان وتنظيم" المنبثقة عن المجلس المسكونيّ للكنائس، أمانة سرّ المجلس الحبريّ البابويّ من أجل وحدة المسيحيّين.
2008 تمّ الإحتفال في كلّ العالم، وبمبادرات متعدّدة ومختلفة، باليوبيل المئويّ الأوّل لولادة أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين تحت عنوان "صلّوا باستمرار" (1تس 5، 17)، عنوان يعبّر عن فرح الكنيسة ورجائها الوطيد بتحقيق وحدة ابنائها حول جسد المسيح.
Click to view full size image

العذراء مريم والده الاله

مريم

المطران جورج خضر

  •  

  • انّى لي أن أدنو الى سرّ مريم في عيد رقادها وهذه لا يتحدّث عنها الا المطهّرون وأنا عي أمام بهائها مع انها أخذتني أخذاً فريداً قبل بضع من سنين. ان اجترأت على الكلام يسحرني صمتها وهي الماكثة في صمت مذهل لأنها كانت تؤثر أن "تحفظ كلام الله في قلبها" أي ان تنتظر إلهها يكلّمها حتى تتكوّن هي بالكلمة.

  • من المعروف ان العهد الجديد لم يذكر موتها لأن الإنجيل ليس سيرة مريم والقليل الذي ذكره عنها له علاقة بسيرة السيد والإنجيليون همّهم ان يكشفوا قوة المسيح وجلاله. لم يظهر حديث عن هذا الموت الذي نسمّيه في الشرق رقاداً اذ المؤمن لا يفنى.

  • لم يظهر حديث عنه قبل القرن الخامس وبدا هذا في كنائس الشرق عيداً أي تقوى في أناشيد وتلاوات غير مسكوبة في عقيدة. مريم لها أثر قبر في القدس الى يومنا في الجتسمانية في حمى دير راهبات روسيات. بعض الآباء على رأسهم يوحنا الدمشقي كتبوا عما حدث بعد موتها فتكلّموا عن انتقال جسدها الى السماء.

  • تحديد الانتقال الجسدي جاء فقط عند الكنيسة الكاثوليكية في أواسط القرن العشرين. الارثوذكسيون متروكون لأناشيدهم التي تبدو قائلة بالانتقال الجسدي. هذا نسميه في اللاهوت رأيا ولا نسميه عقيدة.

  • لكن تفحّص هذه النصوص يدلّ على ان مريم ساكنة المجد الإلهي بحيث تكون غير خاضعة للدينونة وتراها الكنيسة البيزنطية أكرم من الملائكة وقد يعني هذا في ما أرى انها تتمتع بكمال الرؤية الإلهية أي بكمال الغبطة التي ليست بعد من حصة القديسين.

  •  ربما جاز لي ان استند في هذا الى ما قالته لنسيبتها اليصابات: "ها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال". هذا اقرأه قراءة بسيطة على انه يعني تقديرك لها تقديراً عظيماً ولكنك تعترف انها نالت الطوبى التي لا يحظى بها الا المقربون من العرش الإلهي.

  •  وهذا في فهمي يعني انك تخاطبها وتقبل ان يجعل الله صلة بينك وبينها تتجاوز التقدير العقلي الى حالة حب مريمي لا أعرف حتى الآن كل جماله وكأنها تحملني كما حملت المسيح.

  • واذا اكرمتني بهذا أصبح رائياً لوجهها.

  •  

  • سأتوقف عند ثلاثة حوادث.

  •  أولها البشارة كما وردت عند لوقا. الفتاة كانت عذراء ومخطوبة ليوسف أي انها كانت "مزوجة" شرعاً ليوسف ولم تكن بينهما مساكنة. يأتيها جبرائيل ويبشرها بأنها ستحمل وتلد ابناً ويطلب اليها ان تسميه يسوع. فقالت له مريم: "كيف يكون هذا ولا أعرف رجلاً". ماذا أرادت بهذا الكلام وهي متزوجة شرعاً أي مقبلة على زواج فعلي بالمساكنة؟

  • زواج بلا اتصال لا يعني شيئاً عند اليهود وهم لا يمارسونه. جوابها لا يمكن ان يعني إلا شيئاً واحداً انها فهمت ان الملاك يقول لها بأنها ستحمل فوراً قبل المساكنة.

  •  فهم الملاك أنها فهمت هكذا. لذلك قال لها:

  • "ان الروح القدس يحلّ عليك وقدرة العلي تظلّك" الى آخر الكلام. كشف لها جبرائيل أنها ستكون مطرح معجزة ليس لها سابق ولن يكون.

  • عند ذاك،

  •  قالت: «أنا أمة للرب، فليكن لي حسب قولك" أي أني أتقبّل هذه المعجزة لإيماني بالله. كانت هذه طاعة لم يكن للعقل فيها دور. هذا ايمان غير مبني على تأمل لاهوتي ولا على آية من العهد القديم. كان هذا ايماناً مطلقاً.

  • الحادثة الثانية الهامة في حياة مريم هي عرس قانا الجليل الذي كانت فيه أمّ يسوع. ولما نفدت الخمر قالت ليسوع:

  •  "ليس عندهم خمر". فقال لها يسوع: "ما لي ولك يا امرأة».

  • رأى يوحنا الذهبي الفم ان هذا القول يتضمّن لوماً للسيدة العذراء. اقرأ هذا النص كبعض من قارئيه ان وجود الخمر وغيابهما أمر لا يعنيني. لماذا أنتِ مهتمة بأمر تافه؟

  • لم ترفض مريم قوله ولكنها آمنت انه لن يترك المدعوّين الى العرس بلا فرح. لهذا قالت للخدام:

  • "مهما قال لكم فافعلوه".

  •  ثم كانت أعجوبة تحويل الماء الى خمر.

  • تجاوز الكاتب الحديث عن الحوار الذي جرى بين يسوع وأمه. كان همّه ان يقول:

  • "هذه أولى آيات يسوع أتى بها في قانا الجليل فآمن به تلاميذه".

  •  الأمر أعظم من أن نقول أن السيد قبل أمنية والدته. ما كان هم الإنجيلي ان يظهر أهميّة هذه المرأة المتواضعة. كان هاجسه ان يكشف مجد يسوع وان يربط بين المعجزة والعشاء السري. قانا كانت محطة أولى في ذهن يوحنا الى آخر الطريق الذي هو موت المخلص بعد مناولة التلاميذ كأس الخلاص.

  •  اختفت مريم لإظهار مجد يسوع. انها دائماً متسربلة بالخفر ليتمجد ابنها. هذا دور كبير.

  • ما يختم المريمية في الإنجيل هو وجود مريم والى جانبها التلميذ الحبيب عند صليب يسوع.

  • "فرأى يسوع انه التلميذ الحبيب فقال لأمه: "أيتها المرأة هذا ابنك" ثم قال للتلميذ: "هذه أمك".

هذا تعليم وليس مجرد حادثة. يقول التراث ان التلميذ الحبيب الوارد ذكره هنا في إنجيل يوحنا هو يوحنا نفسه. ولكنه خفراً أو تواضعاً أو بأسلوب خفاء أدبي لم يذكر اسمه. قراءتي تتجاوز هذا لأتمسك بالنص لأقول إن يسوع لم يكتفِ بأن يجعل مريم أمّا ليوحنا. هذا صار ولكنه دون عظمة انجيل يوحنا وقوته. لقد جعل يسوع مريم أمّا لكل تلميذ حبيب.

  •  

  • ماذا تعني هذه الأمومة؟ أحسب اننا لن ندرك ذلك إلا اذا جعلنا هذه العظيمة حاضنة لكل قلب اشتهى أن يرتمي على حضن المسيح. تكون هي الى هذا القلب بحنان لا نعرف كل مداه قبل ان نعاينها بعد القيامة لصيقة العرش الإلهي.

  • لذلك كلّه، نحن نعيّد لرقادها العجيب.


معلومات غريبه جدااا


  • ٭هل تعلم أن الافراط في أخذ بعض أنواع الفيتامينات يؤدي الى التسمم.

  • ٭هل تعلم أن فيتامين أ الموجود في ، زيت السمك وزيت كبد الحوت وصفار البيض والزبدة والقشدة والخضروات الصفراء طويلة الأوراق والجزر والكمثرى لازم لنمو الطفل ونقصه يعوق عملية النمو والافراط في تناوله يسبب ضغطا متزايد في
  • الدماغ ودوار وصداع وتساقط الشعر ويشقق الجلد والشفاه ويغير في تكوين العظام ويؤلم المفاصل.

  • ٭هل تعلم أن نقص فيتامين ب الموجود في الخمائر واللبن والبيض واللحم والأجاص والفول والحنطة غير المصنّعة والحبوب كالفاصولياء واللوبياء والبطاطا يؤخر النمو ويشوّه ويسبب تهيجات واضطرابات في الأعصاب وامساكا حادّا .

  • ٭فيتامين ج )٢( : حيوي ولا غنى عنه للجسم ويساهم في الكلس وتنظيم الدورة الدموية ونقصه يؤدّي الى مرض الاسقربوط والنزلات الصدرية على أنواعها.

  • ٭هل تعلم أن الفواكه كافة وبالأخص الحمضيات والطماطم )البندورة( تحوي كميّة كبيرة من فيتامين ج ويفضّل أكل الخضروات الحاوية على الفيتامين طازجة لغناها بالفيتامين.

  • ٭هل تعلم أن الشخص الموهوب يتجاوز حاصل ذكائه ١٣٠ درجة وأن ٩٥ بالمائة من الناس يتراوح حاصل ذكائهم بين ٧٠ - ١٣٠درجة أما المغفّلين فيتراوح ذكائهم ما بين ٥٠ -٧٠ درجة والبله ما بين ٢٠ - ٥٠ درجة وأخيرا المعتوه الذي تقل درجة ذكائه عن ٢٠ درجة.

  • ٭هل تعلم أن كثرة الدهون في الطعام يؤدّي الى تكوّن الحصاة المرارية والسبب هو أن الدهون تزيد من نسبة الكولسترول وهذا الأخير هو من بقاة الحصيات وان عانت المرارة لفترة طويلة من الحصيات فأنها قد تؤدّي الى اصابتها بالسرطان.

  • ٭هل تعلم أن حجم القلب يختلف من شخص الى آخر وكذلك أبعاده . أما وزنه المتوسط فهو ٣٢٥غم بالنسبة للرجال أما متوسط وزنه عند النساء فهو ٢٤٥غم ولكن يتفاوت مع حجم الجسم ووزنه.

  • ٭هل تعلم أن معدّل خفقات القلب يصل الى ٧٢ خفقة في الدقيقة أو .٤٣٢ خفقة في الساعة أو ٣٧٨٤٣٢٠٠ في السنة.

  • ٭هل تعلم أن الماء يكوّن حوالي ٩٠ بالمائة من وزن الجسم.

  • ٭هل تعلم أن الافراط في شرب الشاي والقهوة والخمور يؤدّي الى زيادة الدهنيات الحمضية في الدم والذي يؤدّي بدوره الى نسبة الكولسترول في الدم والعامل الأساسي في تصلّب الشرايين.

  • ٭هل تعلم أن بعض حالات الروماتيزم »روماتيزم المفاصل« يعالج بكمادات الثلج وتلقى نجاح كبير.

  • ٭هل تعلم أنه من الضروري لكل فرد أن يشرب ١-٥،١ ليتر ماء يوميا في الحالات العادية وتصل حاجة الجسم للماء الى حوالي ٣ ليتر في الأيام الحارة وعند بذل الجهد حيث يفقد الجسم في الحالتين نسبة كبيرة من العرق.

  • ٭هل تعلم أن صداع الشقيقة يصيب الأطفال أيضا ولكن بنسب أقل مما يصيب الكبار.

  • ٭هل تعلم أن نسبة الاصابة بسرطان الثدي تقل عند النساء اللواتي تكثرن من انجاب الأطفال وتزداد عند النساء الغير متزوجات واللواتي أنجبن)ولدن( طفل واحد، وليس للرضاعة أي علاقة في كثرة الإصابة أو قلّتها.

  • ٭هل تعلم أن الطفل الطبيعي يبدأ في تركيز عينيه على الأشياء المتحركة وتحريك أطرافه في الأسبوع السادس من العمر ، وفي الفترة ذاتها يستجيب للأصوات المفاجئة.

  • ٭هل تعلم أن الكبد هو أكبر عضو عضلي من الأعضاء الداخلية التي توجد في أحشاء الانسان حيث يتراوح وزنه بين كيلو غرام واحد وثلث أو أربعة أخماس الكيلوغرام.

  • ٭الكبد يسمى بأعضاء عديدة في عضو واحد لكثرة وظائفه وهل تعلم أن كبد الكثير من الحيوانات يستعمل كعلاج فعّال لفقر الدم الخبيث.

  • ٭هل تعلم أن الكبد عند الأشخاص المدمنين على الكحول يكون أسمن أو أضخم من كبد الأشخاص الغير مدمنين لأن الكبد يَسمُن بالمسكرات فيصبح مأوى للشحوم وبالتالي يتشمّع الكبد وهناك أسباب أخرى لتشمّع الكبد ولكن الإدمان في مقدمتها.

  • ٭هل تعلم أن الرجال الذين تخطّوا سن الثلاثين أو الأربعين أكثر تعرّضا للقرحة من غيرهم


  • ـ أن أقصر رجل في العالم هو الهندي )جول( إذ أنه لا يتجاوز طوله أكثر من إثنين و ستين سنتيمترا.

  • ـ أن المنجم المسمى ) سيبرابيلاد( الذي إكتشف في البرازيل أنتج أضخم سبيكة ذهب إذ بلغ وزنها ٦٠٠ كيلو غرام دفعة واحدة.

  • ـ أن ضوء الشمس يصل إلى الأرض في ٨ دقائق٠

  • ـ أن تونس هي أكبر دولة من حيث إنتاج الزيتون
  • .
  • ـ أن نابليون بونابرت كان يقضي وقت فراغه في حل الألغاز.

  • ـ أن أول من وضع صورة على العملة هو الإسكندر المقدوني .

  • ـ أن المشوار الذي يقطعه الدم في مجراه كل يوم يبلغ ١٦٨ مليون ميل .

  • ـ أن القلب يخفق في اليوم أكثر من ١٠٣ خفقة.

  • ـ أن عملة ) اليورو ( هي العملة الموحدة بين كل دول أروبا .

  • ـ أن أكبر لؤلؤة في العالم هي التي عثر عليها صيادو اللؤلؤ أمام سواحل كاليفورنيا عام ١٩٦٠ ، وتزن ٣٤٩٫٥ قيراط ، وقد عرضت للبيع ، وإشتراها ثري يوناني بمبلغ ٣ مليون دولار .

  • ـ أن الصينيون هم الذين إخترعوا البوصلة ، ونقلوها بعد ذلك إلى البحارة العرب ، الذين كانوا يجوبون شمال المحيط الأطلسي وقد قام أهل البندوقية بجلب البوصلة
  • بعد أسفارهم التجارية إلى بلاد المشرق .

  • ـ أن نافورة الماء التي تدفع من رأس الحوت فوق جمجمته يصل إرتفاعها أحيانا إلى ٩ أمتار .

  • ـ أن الحوت الأزرق هو أكبر حيوان على الكرة الأرضية .

  • ـ أن الحيتان الزرقاء تستطيع التخاطب بواسطة غنائها على مسافة٨٥٠ كم .

  • ـ أن العالم الرياضي )إسحاق نيوتن ( قد ابتكر المتوالتةالعددية وهو في الصف الثالث الإبتدائي .

  • ـ أن طول أطول ذيل فستان زفاف في العالم هو ٨٠ مترا . وقد إرتدته إحدى الممثلات في أحدالأفلام الأجنبية .

  • ـ أن وزن الفيل يصل إلى ٥ أطنان ومع ذلك تصل سرعته إلى ٤٠ كم / الساعة .

  • ـ هل تعرف أن المياه يمكن أن تستخدم كأداة قطع و تكون أفضل من أي سلاح حاد .

  • ـ هل تعلم أن وزن الطن من الحديد بعد أن يصدأ تماما يصبح ثلاثة أطنان .

  • ـ أن غصن الزيتون يرمز إلى السلام ، ويكثر شجر الزيتون في بلاد حوض البحر المتوسط ، وأن شجر الزيتون تعمر ٢٠٠ سنة .

  • ـ أن رمال الصحراء تخفي تحتها خزانات مياه جوفية ضخمة .

  • ـ وهل تعلم أن الحوت يستطيع البقاء ساعة تحت المياه بدون تنفس

الإيمان بأمور لا ُترى

الإيمان بأمور لا ُترى

.. كتب  القديس أغسطينوس ثلاثة كتب تدور موضوعاتها كلها حول "الإيمان" في خلال فترة عشرين سنة:

1.      الكتاب الأول بعنوان "الإيمان والاعتراف" كُتِب عام ٣٩٣ بعد سنتين من سيامته كاهنًا.

2.      الكتاب الثاني بعنوان "الإيمان بأمور لا ُترى" كتِب عام ٣٩٩ بعد مرور أربع سنوات من سيامته أسقفًا على مدينة هيبو.

3.      أما الكتاب الثالث فبعنوان "الإيمان والأعمال" وقد تزامنت كتابته مع البدء في كتاب "مدينة الله" عام ٤١٣ م.

بالنسبة للكتاب الثاني "الإيمان بأمور لا ُترى" والذي يحمل العنوان الآتي باللاتينية:

DE FIDE RERUM QUAE NON VIDENTUR

فقد انتشر في بداية القرن الثاني عشر على هيئة مخطوطين:

Jumieges No ٣٢ Codex Vaticanus No ٤٦٩

 

وكانت الطبعة الأولى له عام ١٥١٧ م والثانية في عام ١٥٢٩. وقد أُحصي هذا الكتاب تحت أعمال أغسطينوس في رسالته رقم ٢٢٤ الموجهة إلى كودفولتيوس (Quodvulteus) وقد أكَّد ذلك العالِم (BernardusVindingus) في عام 1621 عندما نشر أعمال أغسطينوس تحت عنوان Criticus) Augustinus) حيث يوجد منها اليوم نسخة في مكتبة المتحف البريطاني بلندن تحت رقم 428654 NO.

السبب الذي كتب من أجله  القديس أغسطينوس كتاب "الإيمان بأمور لا ُترى" غير معروف ولكن من سياق الحديث نجد أنه موجه إلى جماعات مختلفة من الهراطقة وغير المؤمنين ممن يسخرون من التعاليم المسيحية وفي مقدمتهم أصحاب بدعة ماني، بالإضافة إلى بعض الجماعات أصحاب فلسفة ما وراء الطبيعة أو ما يُطَلق عليهم (Metaphysics) وربما انضم إلى هذه الجماعات التي وُجِّه إليها هذا الكتاب: الوثنيون، و بعض من أصحاب البدع المختلفة.

وهؤلاء جميعًا كانوا يرون أن المسيحية كديانة لا يجب أن ُتؤخذ بمأخذ الجد لأنها توصي المؤمنين بأن يؤمنوا بأمور لا ُترى. لذلك بدأ  القديس أغسطينوس في إقناع هؤلاء المعارضين للتعاليم المسيحية بأن جوهر الإيمان يتعلَّق بسلوكيات الإنسان، وبدون أن يخوض في الإيمان المسيحي، أثبت أولاً أنه من خلال المجتمع البشري فإن الإنسان يؤمن بأمور غير ملموسة، وهناك ثقة في الآخرين غير ظاهرة يراها في جاره، قريبه، صديقه حيث يقول في الفقرة الثانية: "أنت يامن لا تصدق إلا ما تراه، هوذا الماديات التي حولك تراها بعيون الجسد، أما نياتك وأفكارك الخاصة فإنك تراها بعيون عقلك إذ هي حاضرة في عقلك. ولكن أخبرني، نية صديقك نحوك... بأي عيون تراها؟ فلا يمكن أن ترى النيات بعيون الجسد." بعد ذلك يتحول  القديس أغسطينوس إلى الحديث عن الأمور الإلهية، فيقول أنه إذا كنا لا نؤمن بما نراه فإن هذا يؤدي إلى انهيار السلام بين الناس وعدم تماسك المجتمع الإنساني، فكم بالحري يجب علينا أن ننظر بعين الإيمان إلى الأمور الإلهية التي لا ُترى؟

تطرَّق  القديس أغسطينوس بعد ذلك إلى سرد بعض الأدلة على صدق الإيمان المسيحي؛ مستخدمًا آيات العهد القديم التي تشير إلى مجيء المسيح وميلاده من العذراء مريم، والنبوات التي أشارت إلى الكنيسة، وكيف انتشر الإيمان المسيحي في العالم.

في ختام الكتاب يتَّجه أغسطينوس إلى سامعيه ويتكلَّم بوضوح إلى رعيته من المؤمنين حيث يوصي قارئيه والمؤمنين بكلمات الرب "من له أذنان للسمع فليسمع" ضد الأعداء الخارجيين والداخليين للاهتمام بالبشارة التي تحمل اليقين بنصيب الملكوت السماوي.

لذلك فهذا الكتاب يصلح لكي يكون بحق "مدخلاً للإيمان المسيحي" إذ نجد فيه كما سبق وذكرنا إثباتات للإيمان المسيحي من خلال المجتمع البشري وأيضًا من خلال نبوات العهد القديم.

تمت الترجمة عن الترجمة الإنجليزية المنشورة في:

Nicene & Post Nicene Fathers,

Series I, Volume III

St. Augustine, Doctrinal Treatises

الرب يجعل كلمات هذا الكتيب تعمل في نفوسنا مستمعين إلى قول الرب يسوع بعد قيامته المقدسة لتوما:

"طوبى للذين آمنوا ولم يروا"،

 بصلوات أبينا قداسة البابا شنودة الثالث.

 

الإيمان بأمور لا ُترى

 

أدلة منطقية تثبت إمكانية الإيمان بأمور لا تُرى بالعيون المادية:

١. هناك أناسُ يَعتقدون أن الديانة المسيحية يلزم السخرية منها، وليس التمسُّك بها، وذلك لأنه لا يمكن إثباتها بأمور مرئية، بل أن الناس فيها مطالبون بالإيمان بأمور لا ُترى. ونحن إذًا لكيما َندْحض فكر هؤلاء الحكماء في أعين أنفسهم الذين لا يريدون أن يصدقوا ما لا يستطيعون أن يروه بعيونهم، فإننا لا نستطيع بالطبع أن ُنظهر للعيون البشرية هذه الأمور الإلهية التي نؤمن بها لكننا نستطيع أن ُنظهر للفكر البشري أنه يمكننا تصديق حتى الأشياءِ التي لا ُترى.

 

بدايةً يجب أن نقول لهؤلاء الذين بحماقتهم قد أعطوا لعيونهم الجسدية أهمية جعلتهم لا يصدقون كل ما لا يرون بهذه العيون: كم من أمور يصدقونها بل ويعرفونها ولكنها لا ُترى بعيونهم تلك؟ هذه الأمور غير المحصاة توجد في عقولنا نفسها -مع العلم أن طبيعة هذا العقل ذاته أيضًا أنه غير مفحوص- كالإيمان الذي به نصدق أمرًا ما والفكر الذي به نحكم بأن نصدق الشيء أو لا نصدِّقه، بالإضافة إلى أمور أخرى كثيرة، هذه الأمور جميعها غريبة عن أنظار العيون الجسدية. وبرغم من ذلك كم هي مكشوفة وواضحة ومؤكدة لعيون فكرنا الداخلية؟ إذا كنا بدون شك ندرك وجود الإيمان والأفكار رغم أنه لا يمكن رؤيتهما بالأعين الجسدية فكيف لا نؤمن بالمسيح إذًا؟

٢. لكن قد يَُقولون أن الأمورَ التي في العقلِ، نستطيع بواسطة العقل نفسه أن نميزها فَليْسَ لنا حاجُة أَنْ نراها بعيون الجسد؛ لكن تلك الأمور التي تطالبنا بأن نؤمن بها ليست هي أشياء خارجة عنا حتى نراها بعيون الجسد، ولا هي داخل عقولنا حتى أنه بتمرينات مُعَيٌنة للفكر قد نراها.. زاعمين أن تلك الأشياء التي يصدقونها هي فقط الأشياء يرونها أمامهم (1). لذلك أقول أنه يجب علينا بالتأكيد أَنْ نؤمن ببعض الأمور الحاضرة، وإن كنا لا نراها، لكيما نَستحقُّ أيضا أَنْ َنرى الأشياء الأبدية، التي نؤمن بها.

لكن أنت يا مَنْ لا تصدق إلا ما تراه، هوذا الماديات التي حولك تراها بعيونِ الجسد، ونيَّاتك وأفكارك الخاصة تراها بعيون عقلك إذ هي حاضرة في عقلك. ولكن أخبرني، نية صديقك نحوك... بأي عيونٍ تراها؟ فلا يمكن أَنْ ُترى النيات بعيون الجسد. فهل ترى في عقلكَ أيضًا ما يدور في عقلٍ آخر؟ ولكن إن كنت لا تراها، فكيف ُتبادل نية صديقك الصادقة نحوك إن كنت لا تؤمن بما لا تراه؟

هَلْ ستقول جدلاً بأّنك ترى نية الآخر من خلال أعماله؟ إذن أنت سََترى أَفْعالاً، وستَسْمعُ َ كلِمات، ولكن نية صديقكَ التي لا يُمكنُ أَنْ ُترى أو ُتسمع فأنت ستصدقها. فهذه النية ليس لها لون أو شكل حتى تراها العينان؛ و ليس لها صوت أو نغم، حتى تسمعها الأذنان، وهي ليست نيتك، لكي ما تَُكونَ محسوسة في قلبك. وعلى الرغم من أنها لا ُترى، ولا ُتسْمَع، ولا هي منظورة بداخلك فيجب عليك أن تصدٌق هذه النية، وإلا ستشعر بالوحدة في حياتك، بدون صداقةِ، و لن تستطيع أن تبادل من يحبك نفس الشعور.

فأين هذا الذي تقوله إذن أنك لا تستطيع أن تصدق شيئًا إلا لو رأيته بعين الجسد أو رأيته داخل قلبك؟ هوذا من كل قلبك تصدِّق ما في قلب غيرك وتؤمن حيث لا تستطيع أن ترى بعينيك أو بقلبك. فوجه صديقك تستطيع أن تميزه بعين الجسد وموقفك نحوه يمكنك أن تميزه بعقلك، لكنك لن تستطيع أن ُتَقدِّر محبة الآخر لك مالم تبادله هذا الحب، إذ تصدق أن فيه هذا الحب الذي لا تراه. فمن الممكن أن يخدع الرجل غيره باختلاق النية الحسنةِ، وإخفاء الحقد. وحتى إن لم يكن يفكرُ في إيذائك ولكن لأنه قد ينتظر أن ينتفع منك بشيء، فمن الممكن أن يختلق المحبة على الرغم من أنها ليست فيه.

٣. لكنك َتُقولُ، إنك تصدق صديقك، الذي لا يُمكن أَنْ َترى قلبه، لأنك اختبرته في تجاربك، إذ لم يتركك في وقت الشدة.. فقد عرفت حقيقة شعوره نحوك. فهل هذا معناه انه يَجِبُ أَنْ نتمنى أن تصيبنا الشدائد لكيما نتيقن من صدق حب الصديق لنا؟ فهذا يعني أنه لن يوجد رجل سعيد مع الأصدقاء الأوفياء، مالم يحزن الصديق في المصائب التي تصيب صديقه!. ولن يَتمتّعُ أحد إذن بحب الآخر مالم يتألم بآحزان ومخاوف! وكيف نتمنى السعادة مع الأصدقاء المخلصين ولا نخشاها، ان كنا لا نستطيع ان ُنْثبِت صدق حبهم إلا من خلال الأحزان؟ ولكن من الممكن أن يكون لك صديُُق في وقت السعة، وإن كنت تستطيع أن ُتْثبِت صداقته بالأكثر في وقت الشدة. لكنك بالتأكيد لن تعرِّض نفسك للخطرِ لكيما تتيقن من صداقته ما لم تكن متأكدًا أنه سيُْثبِت حسن ظنك (2)؛ وهكذا فأنت فيما تعرض نفسك للخطر فأنت تصدٌق صديقك من قبل أن تجربه.

بالتأكيد، إن كان لا يَجِب علينا أَنْ نصدق الأمور التي لا ُترى، لكننا حقًا نصدُق قلوبَ أصدقائنا وإن كنا لم نبرهن على صدق شعورهم، وحتى بعد أن نتأكد من صداقتهم من خلال ضيقاتنا فنحن نصدق نيتهم الصادقة نحونا دون أن نراها. إذًا عظيمِ جدا الإيمانُ الذي به نَحْكمُ بشكل ملائم إننا َنرى - بعيونٍ ما - الذي نؤمن به، فإننا يجب أَنْ نؤمن إذن، لأننا لا َنرى.

 

خطورة عدم الإيمان بالأمور التي لا ترُى بعيون الجسد:

٤. إن لم يكن هذا الإيمان موجودًا في المعاملات بين الناس، فانظر كيف تكون الفوضى فيها؟ وكيف يترتب على ذلك تشويش مخيف؟ فمَن الذي سَيُبادِل الآخر بالمحبة، -حيث أن المحبة نفسها غير مرئية- إن كان لا يجب أن أؤمن بما لا أراه؟ إذن فالصّداقة بمجملها ستحتضر، لأنها تقوم على الحب المتبادل. كيف يُقبل الحب إن كان غير ظاهر؟ وعندما لا توجد الصداقة فإن رباطات الزّيجة والقرابة والنسب لن تظل محفوظة في النفس لأن في هذه أيضا يجب أن يكون هناك بالتأكيد اتفاق بروح الصداقة. فالزوج والزوجة َلنْ يتبادلا الحب إذ لن يصدق كل منهما حب الآخر، لأن الحبَّ نفسه لا يُمكنُ أَنْ يُرى. ولن يَشتاقوا أَنْ يَُكونَ لهم أبناءُ، إذا لم يَعتقدوا أنهم سيبادلونهم حبهم . وإن وُلد أبناء وكبروا، فلن يحبهم والدوهم إذ أنهم لا يرون محبة أولادهم التي في قلوب هؤلاء الأولاد إذ هي غير مرئية. وبُناءً على ذلك لن يصبح تصديق هذه الأشياء التي لا ُترى جديرًا بالثناء، بل يكون طيشًا جديرًا باللوم، إذا كنا نؤمن بأمور لا ُترى. فكيف أتكلم أيضًا الآن عن الإرتباطاتِ الأخرىِ التي بين الأخ والأخت، والصهر والحمى، وجميع من هم مرتبطينَ سويًا بواسطة أي قرابة أو صلة؟ إذا كان هذا الحب غير أكيد والنية مشكوكٌ في أمرها، سواء كانت نية الأبناء تجاه الوالدينِ أو نية الوالدين تجاه الأبناء. فأعمال المحبة لن ُترد بالمثل لأن ذاك الذي أُحسن إليه لا يعتقد أنه يجب أن يَرُدٌ بالمثل، إذ هو لا يؤمن بوجود ما لا يراه في الآخر. بالتالي فهذا الشك لن يَُكون ملائمًا، بل سيَُكونُ مكروهًا إذ لا نصدق اننا محبوبين لأننا لا نرى هذا الحب ولا نتبادل هذا الحب، إذ َنعتقدُ أننا لا ندينُ لهم بالحب. إِلى تلك الدّرجةِ تكون العلاقاُت الإنسانية قدُ آلت إلى الفوضى إن كنا لا نصدق ما لا نراه، وتسقط تمامًا وجملةً إن كنا لا نصدق نيات الناس التي بالتأكيد لا نستطيع أن نراها. كذلك، فلن أذْكرَ لهؤلاء الذين يلوموننا لأننا نؤمن بما لا نراه، الأمور الكثيرة التي يؤمنون بها في الأقاويل والتاريخ أو بخصوص الأماكن التي لم يروها بأنفسهم. فلن يقولوا :"إننا لا نصدق إن لم نرى بعيوننا"، لأنهم إن قالوا هكذا، سيضطرون أَنْ يَعترفوا بأنهم لا يعرفون بالحقيقة من هم والديهم؛ لأنهم في هذا الموضوع صدقوا أقوال الآخرين الذين لا يستطيعون أن يُظهروا أمام عيونهم ما يقولون لأنها أشياء مضت؛ فإذ لا يذكرون شيئًا من الماضي البعيد يصدقون أقوال الآخرين الذين كلموهم عن الذي مضى بدون شك؛ فإن لم يكن الأمر هكذا، فسنجد من الضّرورة أن علاقة الابن بوالديه سيشوبها عدم الاحترام، إذ يتجنب التسرع في تصديق تلك الأمور التي لا ُترى. فإن كان عدم إيماننا بما لا نراه يؤدي إلى انهيار السلام بين الناس وعدم تماسك المجتمع الإنساني، فكم بالحري وبالأكثر يجب أن ننظر بعين الإيمانُ إلى الأمور الإلهية التي لا ُترى؟ فإن لم نؤمن فليست مجرد صداقة الناس لبعضهم هي التي ستتأثر، لكن جوهر الإيمان بالدين سوف يتلاشى بما يترتب على ذلك من بؤس عظيم.

 

أدلة صدق الإيمان المسيحي:

٥. لكن قد تقول : "النيّة الحسنة لصديق نحوي، وإن كنت لا أراها، لكنني أستطيع أَنْ أتيقن منها بالعديد من البراهين؛ لكن وأنَت تطالبنا بالإيمان بالأمور غير المنظورة، لا تعطينا براهين ُتظهر بها صدق اعتقادك ؟".

 مبدئيًا، أقول إنه ليس بأمرٍ بسيط، أن َتعترَف بأن بعض الأمور، وإن كانت لا ُترى يَجِبُ أَنْ ُتصَدَّق لسبب وضوح بعض البراهين، وحتى لو ُقبِلَ هذا، أنه ليس كل الأشياء التي لا ُترى لا يمكن التصديق بها، فهذا يعنى أن القول "هكذا نحن لا ينبغي أن نصدق ما لا نراه بأعيننا" يسقط على الأرض، و يُقَذف بعيدًا، بل و يُنَقض تمامًا.

أ - بركة المسيح للأمم بالكنيسة (3):

 

لكنهم مخدوعون كثيرًا، أولئك الذين يَعتقدونَ بأّننا نؤمن بالمسيحِ بدون أي أدلة بخصوصه. فهل هناك برهان أوضح من هذا، أن الأمور التي قد أُنبئ عنها نراها الآن قد تحققت؟ فأنتم الذين تعتقدون أنه لا توجد براهين تؤمنون من خلالها بالأمور التي لم ترونها عن المسيح، انظروا إلى الأشياء التي تروها الآن، انظروا فالكنيسة نفسها تخاطبكم كأم تحبكم قائلة: "أنا التي تنظرون إليها بإعجاب في العالم كله، آتية بثمر وأزداد نموًا، لم أكن في الماضي هكذا كما تنظروني الآن، لكن عندما بَارك الله إبراهيم قائًلا: "يتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18)، أعطى الوعد بوجودي، فبركُة المسيحِ قد انْسَكبَْت على كل الأممِ من خلال المسيح .

هذا هو نسل إبراهيم، فتسجيل الأجيال يَشْهدُ بذلك، باختصار: إبراهيم ولد إسحق، وإسحق ولد يعقوب، ويعقوب ولد اثنا عشر ابنًَا، ومنهم كان شعب إسرائيل، فيعقوب نفسه كان يُدعى إسرائيل. ومن بين هؤلاء الإثنى عشر ابنًا كان قد وُلد يهوذا - منه أخذ اليهود إسمهم- الذي منه كانت مريم العذراء، التي ولدت المسيح. وفي المسيحِ أي في نسل ابراهيم، تنظرون بإعجاب كيف تباركت الأمم. فهل لا تزالون خائفين من أن تؤمنوا به، ذاك الذي كان يجب بالأحرى أن تخشوا عدم الإيمان به؟"

ب- الميلاد من عذراء :

إن كان يجب عليكم بالأحرى الإيمان بأنه كان يليق بالله أن يولد إنسانًا هكذا، فهل تشّكون أو ترفضون أن تصدقوا ميلاده من عذراء؟!! فاعلموا أن إشعياء الّنبي َقدْ تنبّأَ عن ميلاده من عذراء أيضًا قائًلا: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (الذي تفسيره الله معنا)" (اش 4: 14) فلا تَشٌكوا إذًا أن العذراء تلد، إذا كنتم تريدون أَن تؤمنوا بإله يولد، دون أن يترك تدبير العالم، ويأتي إلى الناس متجسدًا .. إذ أعطى لأمه أن تلد وتبقى أيضًا عذراء. هكذا صار لائقًا بذاك أن يولد كإنسان، إلا أنه هو ذاته الله دائمًا، ومِن قِبل ولادته قد صار إلها لنا. ومن ثم يقول عنه أيضًا الّنبي: "كرسيك يالله إلى دهر الدخور قضيب الإستقامة هو قضيب ملكك. أحببت البر وأبغضت الإثم. من أجل هذا مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك" (مز 45: 6، 7) (4) مَسَحَ الله الآب الله الابن.. لذلك فلقد أخذ لقبه من "المسحة" أي أننا من خلال مَسْحِهِ عرفنا أنه المسيح.

ج- نبوات عن الكنيسة:

وفي نفس المزمور قيل له - أي المسيح- عني أنا الكنيسة، وكأن ما سيحدث في المستقبل قد حدث بالفعل: "قامت الملكة عن يمينك. بثوبٍ موشى بالذهب. مزينة بأنواع كثيرة".. فبسر الحكمة قد قيل لها "اسمعي يا ابنتي وانظري وأميلي أذنك وانسي شعبك وبيت أبيتكِ، فإن الملك قد اشتهى حسنكِ لأنه هو ربك وله تسجدين، وله تسجد بنات صور بالهداية. ويتلقى وجهكِ أغنياء شعب الأرض. كل مجد ابنة الملك من داخل مشتملة بأطراف موشاة بالذهب متزينة بأشكال كثيرة. تدخل إلى الملك عذارى في إثرها، جميع قريباتها إليه يُقَدّمنَ. يبلفن بفرح وابتهاجٍ، يُدخلنَ إلى هيكل الملك ويكون لكِ أبناء عوضاً عن آبائِك، تقيميهم رؤساء على سائر الأرض. يذكرون إسمك جيلاً بعد جيل. من أجل ذلك تعترف لكِ الشعوب إلى الدهر وإلى دهر الدهور." (مز 44: 10- 18).

·            إن كنتم لا ترون اليوم هذه الملكة (الكنيسة) غنية بالنسل الملوكي.

·            إن كانت تلك التي قيل لها: "إسمعي يا ابنتي وانظري" لا َترى ان الوعد الذي سمعته هي قد تم بالفعل.

·            إن كانت تلك التي قيل لها: "إني شعبك وبيت أبيك" لم تترك العادات القديمة التي للعالمِ.

·            إن كانت تلك التي قيل لها: "الملك قد اشتهى حسنك لأنه هو ربك" لا تَعترُف بالمسيح الرب في كل مكان.

·            إن كنتم لا َترون شعوب الأممِ ُتصعد الصلوات و تقدم التقدمات للمسيح الذي قيل لها (للكنيسة) عنه: "له تسجد بنات وصور بالهدايا"

·            إذا كان الأغنياء لا يطرحون كبرياءهم جانبًا ولا يترجُّون مساعدة الكنيسة، تلك التي قيل لها: "يتلقى وجهك أغنياء شعب الأرض"

·            إن كان لا يَسمعُ الله لبنت الملك (الكنيسة)، التي أوصِيَتْ أن تقول "أبانا الذي في السموات" (مت 7: 11)

·            إن كان قديسوها لا يتجدٌد فيهم الإنسان الداخلي يومًا فيومًا ((أنظر ( 2كو 4: 16)) والذين قيل بخصوصهم: "كل مجد ابنة الملك من الداخل"

·            بالرغم من أنها تسطع كالشمس في عيونِ الذين هم من الخارج بشهرة كارزيها المتأججة، من خلال الألسنة المختلفة التي كرزوا بها كما قيل: "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب متزينة بأشكال كثيرة."

·            إن لم يكن هناك عذارى يحضرن ليكرَّسن للمسيح، إذ ذاع صيته في كل مكان برائحته الذكية، اللاتي قيل عنهن ولهن: "تدخل إلى الملك عذارى في إثرها جميع قريباتها إليه يُقدَّمن" .. ولكي لا يبدو أنهن يُجْلَبنَ مثل الأسرى إلى السجن فيَقُولُ: "يبلغن بفرح وابتهاج، يدخلن إلى هيكل الملك"

·            إن كانت لا تأتي الكنيسة بأبناء، لكي يكون لها منهم، آباء (أساقفة وكهنة)، كما حدث، وتقيمهم في كل مكان كرؤساء وقادة، تلك التي قيل لها: "ويكون لك أبناء عوضاً عن آبائك، تقيميهم رؤساء على سائر الأرض" الذين بصلواتهم أصبحت الكنيسة أمهم مُفضّلة ومقبولة وأيضًا من رعية الله، فتمدح نفسها (5) بالقول "يذكرون اسمك جيلاً بعد جيل"

·             إن لم يكن بسبب كرازة أولئك الآباءِ أنفسهم، الذين ذكروا اسمها بلا فتور، قد امتلأت من داخلها بأعداد عظيمة من الناس مجتمعين معًا، معترفين لها بألسنتهم بدون توقف بمدح الّنعمةِ تلك التي قيل لها: "من أجل ذلك تعترف لكِ الشعوب إلى الدهر وإلى دهر الدهور؛"

إذا كانت هذه الأمور لا تبدو واضحَة، إلى الدرجة التي لا يجد فيها الأعداء مفرًّا من الاعتراف بالحق جهارًا. إذن، قد تكون على حق إن قلت أنه لا توجد براهين لتثبت صدق الأمور التي لا ُترى حتى تصدقها! لكن إذا كانت تلك الأمور، التي َتراها، قد تنبّأ عنها الأنبياء من زمن بعيد، وقد تمت بكل وضوح.

إذا كان الحق يوضِّح نفسه لديكم، بأمور مضت، وأمور ستأتي فيما بعد.. فيا بقية الذين لم يؤمنوا بعد، يا مَنْ تصدقون بعضًا مما لا ترونه ا ْ خجَُلوا بسبب تلك الأمور التي ترونها!

(د) انتشار الإيمان المسيحي في العالم كله (6)

٧. تقول لكم الكنيسة "انصتوا لي، انصتوا لي أنتم الذين ترون ولكن لا تبصرون. فالمؤمنون الذين كانوا في اليهودية في تلك الأيام حضروا وعرفوا بميلاد المسيح العجيب من عذراء، وبآلامه، وبقيامته وبصعوده؛ وكل كلامه وأعماله الإلهية، كأمورٍ رأوها بعيونهم. أنتم لم تروا هذه الأمور ولذلك ترفضون أن تؤمنوا. إذًا فانظروا هذه الأمور، وانتبهوا لها، وَتَفكَّروا فيها. فهذه الأشياء لا ُتروَى لكم كأمورٍ مضت أو أمورٍ ستحدث في المستقبل لكنها أمور حاضرة."

هل تبدو لكم كأمورٍ باطلة أو بلا معنى؟ وهل تعتبرونه قليل أو كلا شيء هذه المعجزة الإلهية، انه بإسمِ مَصُْلوبٍ تجري كل أمور الجنس البشري؟

فإن لم تروا ما قد تنبّأ عنه الأنبياء وتم، عن ميلاد المسيح كإنسان "ها العذراء تحبل وتلد ابنا" (اش 7: 14) لكنكم ترون الآن كلمة اللهِ التي سبق وقيلت لإبراهيم وتمت: "تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 26 : 4)

وإن لم تروا ما َقدْ تنبأ عنه الأنبياء عن عجائب المسيح: "هلم فانظروا أعمال الرب التي جعلها آيات على الأرض"(مز 45: 8)، لكنكم ترون الآن ما تنبأ عنه الأنبياء: "الرب قال لي أنت ابني وأنا اليوم ولدتك. اسألي فأعطيك الأمم ميراثك وسلطانك إلى أقطار الأرض"  (مز 2: 7، 8)

وإن لم تروا ما َقدْ تنبأ عنه الأنبياء وتم عن آلام المسيح: "ثقبوا يداي ورجلي، أحصوا كل عظامي؛ وهم ينظرون ويتفرسون فيّ، قسموا بينهم ثيابي، وعلى لباسي يقترعون" (مز 22: 16 - 18) لكنكم ترون الآن تلك الأمور التي تنبأ عنهم نفس هذا المزمور إذ قد تمت الآن بكل وضوح "تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض وتسجد قدامك كل قبائل الأمم. لان للرب الملك وهو المتسلط على الأمم" (مز 22: 27، 29)

وإن لم تروا ما قد تنبأ عنه الأنبياء وتمّ عن قيامة المسيح، إذ تكلَّم عن نفسه في المزمور أولا ً بخصوص مسلِّمه ومضطهديه: "كان يخرج جارجاً ويتكلم علي. تدمدم على جميع أعدائي وتشاوروا علي بالسوء وكلاماً مخالفاً للناموس رتبوا عليّ" (مز 40: 7، 8) ولكي يرينا أنهم لم يجنوا شيئًا بقتله إذ كان سيقوم فقال: "إلا يعود الراقد أن يقوم؟" (مز 40: 9)، وبعد ذلك بقليل يتكلَّم عن مُسَلِّمه في نفس النبوة تلك الكلمة التي قالها أيضًا في الإنجيل: "الذي أكل خبزي، رفع على عقبه" (مز 40: 10). أي أنه داسني تحت قدمه، وأضاَف بعد ذلك وقال: "وأنت يارب ارحمني وأقمني فأجازيهم" (مز 40: 11) قد تمّ كل هذا إذ رقد المسيح وقام ويقول على فم نفس النبي في مزمور آخر: "أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت لأن الرب ناصري"

كل هذا لم ترونه لكنكم ترون كنيسته، تلك التي كُتب عنها أيضًا بنفس الطريقة وتم عنها الأقوال إذ قيل: "إليك تأتي الأمم من أطراف الأرض ويقولون إنما ورث آباؤنا كذباً وأباطيل وما لا منفعة فيه" (إر 16: 1). هذا بالتأكيد شيئًا تنظرونه، سواء شئتم أم أبيتم أن تصدقوا، حتى ولو كنتم إلى الآن تعتقدون أنه توجد أو كانت توجد منفعة في تلك الأصنامِ؛ لكن حقًا ترون شعوبًا بلا عدد من الأمم، قد تركوا أو طرحوا عن أنفسهم أو حطموا هذه الأباطيل، وسمعتموهم يقولون: "إنما ورث آباؤنا كذباً وأباطيل وما لا منفعة فيه. هل يصنع الإنسان لنفسه آلهة وهي ليست آلهة؟" (إر 16: 19، 2)

ولا تعتقدوا بأنه في القول "تأتي الأمم من أطراف الأرض" قد يعني أن كل الأمم يَجِبُ أَنْ تجتمع في مكان واحد معين للهِ. إفهموا -إن كنتم تستطيعون- أن شعوب الأمم ستأتي إلى إله المسيحيين الذي هو الإله الأعلى والحقيقي، لَيسَ سيرًا على الأقدامِ لكن من خلال الإيمان. فقد قال نبيٌ آخر نفس الشيء إذ تنبأ وقال: "الرب مخيف إليهم لأنه يهزل جميع آلهة الأرض فسيسجد له الناس كل واحد من مكانه كل جزائر الأمم" (صف 2: 11). فأحدهم قال "إليك تأتي الامم من أطراف الأرض" والآخر قال: "فسيسجد له الناس كل واحد من مكانه".

إذ هم سيأتون إليه دون أن يغادروا أماكنهم، لأنهم إذ يؤمنون به سيجدونه في قلوبهم.

Click to view full size image

وإن لم تروا ما قد تنبأ عنه الأنبياء وتمّ عن صعود المسيح؛ "اللهم ارتفع على السموات" (مز 58: 5) لكنكم رأيتم ما يتبعه فورًا بعد هذا الكلام "وليرتفع مجدك على سائر الأرض" فلم تروا كل تلك الأمور التي حدثت وتمت في المسيح في الماضي، لكنكم لا تستطيعون أن تنكروا هذه الأمور التي ُترى في كنيسته. هذان الأمران المسيح والكنيسة نريهما لكم كأمور قد سبق و ُ كتب عنها تلك النبوات، ولكن لا نستطيع أن ُنريكم كيف تمت كل تلك الأمور كي تروها بعيونكم، لأننا لا نستطيع أن نسترجع أمورًا مضت كي ُترى..!

ـ) شهادة الأمور الحاضرة عن الأمور المستقبلية:

٨. لكن كما أن نيَّات الأصدقاءِ، التي لا ُترى، ُتصَدَّق من خلال دلائل ُترى؛ هكذا أيضًا الكنيسة المرئية، فهي ذاكرة للأمور التي مضت ومُبَشِّرة بالأمور التي ستأتي، التي وإن كانت غير مرئية لكنها مُشار إليها في نفس تلك الكتابات التي تنبأت عن الكنيسة. لأن الأمور التي مضت التي لا نستطيع أن نراها الآن والأمور الحاضرة التي نراها الآن -ولكن لا نراها كلها- كانت كلها أمور غير مرئية حين ُ كتِبَ عنها في النبوات.

إذن، فالأمور التي سبق وقيل عنها نراها َتحْدُث سواء هذه التي تمت أو تلك التي ما زالت تحدث الآن. أي أن الأمور المختصة بالمسيح والكنيسة قد حدثت وفقًا لتدبيرٍ مُسبق. ووفقًا لهذا التدبير أيضًا ستكون الأمور التي تأتي: أي يوم الدينونَة، وقيامة الأموات والعقاب الأبدي للأشرار مع الّشيطان، والمكافأة الأبدية للأتقياء مع المسيح؛ أمور تتنبأ عنها النبوات أيضًا ولم تحدث بعد. لماذا إذًا لا نصدق الأمور الأولى والأخيرة التي لا نراها، رغم أننا نرى ما يشهد لهاتين: أي الأشياء التي بينهما ، أقصد الأمور الحاضرة، رغم أننا نقرأ ونسمع النبوات في كتبِ الأنبياءِ عن الأمور الأولى، والحاضرة، والأخيرة، من َقبل أن تحدث؟ إلا إذا كان غير المؤمنين يدَّعون مثًلا أن تلك الأشياءَ إنما كتبها المسيحيون أنفسهم لكيما يعطوا معتقداتهم قيمة وتأثيرًا أعظمُ، بدعوى أن تلك الأشياء قد وُعد بها من قبل أن تحدث.

(و) أسفار اليهود وحالهم يشهد للإيمان المسيحي:

٩. إذا كانوا يَُشكُّون في هذا، ليفحصوا بدقة نسَخ كتابات خصومنا اليهودِ. ليَْقرأوا عن تلك الأمور التي أشرنا إليها؛ أقصد النبوات الخاصة بالمسيح الذي نؤمن به، وبالكنيسة التي نراها منذ البداية الشاقة لانتشار الإيمان وحتى الدخول إلى المجد الأبدي الذي للملكوت. لكن حينما يَْقرأونَ، فلا يتعجبوا من أن اليهود-أصحاب هذه الكتب- بسبب ظلمة العداوةِ على أذهانهم لا يَْفهمونَ. فقد تنبأ نفس الأنبياء وكتبوا عن ذلك، فكان يجب أن تتم تلك النبوة كالبقية، ويأتي عليهم القصاص الواجب كأعمالهم بأمر مُخَفى وعادل من الله. فالذي صَلبوه، وأعطوه علقمًا وخًلا، قد قال للآب، من أجل هؤلاء الذين كان سيقودهم من الظلمة إلى النور، وهو معلق على الخشبة: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34) ولكن بسبب هؤلاء الذين، خلال أسباب مَخفية أكثر، كان قد قرّر تركهم، قال عنهم بالنبي منذ زمن بعيد، "جعلوا في طعامي مرارة، وفي عطشي سقوني خلاً؛ لتصر مائدتهم قدامهم فخاً وللآمنين شركاً.لتظلم عيونهم عن البصر وقلقل متونهم دائماً" (مز 68: 21 - 23). هكذا فهم يَمْشون ويطوفون في كل مكان بعيون مظلمة، التي هي أصدق دليل لإيماننا. فمن خلالهم ُتبَرْهن شهادتنا، ولكن هم أنفسهم يكونون مرفوضين.

لأجل هذا قد كان، أن لا ُتمحى هذه الطائفة من الوجود، لكي لا ُتفَقد هذه البراهين، ولكنهم تشّتتوا في كل الأرض لكيما في حملهم معهم للنبوات التي تشهد للنعمة التي صارت لنا يُقنعون المتشّككين، فتكون لنا المنفعة. وما أقوله تنظرونه في النبوة إذ يقول الرب: "لا تقتلهم لئلا ينسى شعبي حقك، ولكن بعثرهم في الأنحاء وتيههم بقوتك" (مز 58: 11). ولهذا لم يُبادوا، إذ لم ينسوا تلك الأشياء التي ُقرِأت وسُمِعت بينهم. لإنهم إن نسوا الكتب المقدسة-رغم أنهم لا يفهمونها- فسيكونوا بحسب الطقس اليهودي نفسه مستوجبين الموت. لأنه إن كان اليهود لا يَعْرفون شيئًا عن الناموس والأنبياءِ، فقد صاروا غير قادرين على نفعنا بشيء. فلذلك لم يُبادوا، لكنهم تبعثروا في البلاد المختلفة حتى إذا لم يخلصوا بالإيمان؛ لكنهم يحفظون في ذاكرتهم ما يساعدنا.. ففي كتبهم ما يؤيدنا، وفي قلوبهم يعادوننا، وفي نسخ أسفارهم يشهدون لنا.

(ز) نجاح الكرازة بالمصلوب رغم الاضطهاد

١٠ . وحتى إن لم يوجد ما يشهد للمسيح والكنيسة، فمَن الذي لا يصدق أن النور الإلهي قد أشرق بغتًة على الجنس لبشري عندما نشاهد أن الإله الواحد الحق يُنادَى به من الكل، إذ قد ُتركت الآلهة الباطلة، وصورهم في كل مكان قد حطمت، ومعابدهم قد ُترِكَت أو تغيَّر استخدامها، والعادات لباطلة التي كانت راسخة في الناس قد اقُتلِعَت من الجذور..ونرى أن هذا قد حدث بسبب رجل واحد، ومن قِبل رجال، مقبوض عليهم، مقيَّدين، مُعذَّبين، مَجُْلودين، ملطومين، مَْشُتومين، مقتولين، مَصُْلوبين. أقصد بهؤلاء تلاميذه، الذين اختارهم الرب رجالاً عاميين، غير متعلمين، صيادي سمك، وعشَّارين، لكي تنتشر تعاليمه بواسطتهم، فأولئك الذين بشَّروا بقيامته وبصعوده، تلك الأحداث التي قالوا انهم رأوها. وإذ امتلأوا من الروح القدسِ، تكلموا عن هذا الإنجيل بألسنة لم يتعلموها. ومن الذين سمعوهم: البعض آمنوا، والبعض الآخر إذ لم يؤمن، َقاوم المتكلمين أي التلاميذ بشكل عنيف.

وإذ كانوا أمناء للحق إلى الموت، لم يجاهدوا بمجازاة الشرّ بالشرّ بل بالاحتمال، ولم يَتَغّلبوا بالَقْتلِ، بل بموتهم. وهكذا َتَغيَّرَ العالم وَقبِل الإيمان وهكذا تحولت قلوب الناس إلى هذا الإنجيل؛ الرّجالُ والنِّساءُ، الصغار والكبار، المتعلمون والأمِّيُون، الحكماء والجهلاء، الأقوياء والضعفاء، الُنبَلاء والمجهولون، المرتفعون والمتواضعون. والكنيسة نمت انتشرت في كل الأممِ، ولا تقوم ضد إيمان الكنيسة الجامعة أي طائفة منحرفة أو أي نوع من الخطأ مما يتعارض مع الحق المسيحي. ولا يُسمَح لذلك الخطأ أن ينتشر في كل مكان إن كان وجود هذا الخطأ نفسه يشجع على التمسك بالحق. "لأنه لا بد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكون ظاهرين بينكم" (1كو 11: 19)

كيف استطاع المَصْلوب أن يعمل كل هذا إن لم يكن هو الله الذي تأنس، حتى إن لم يكن قد تكّلم من خلال الأنبياء عما سيأتي؟ لكن إذ نرى الأنبياء قد سبقوا وتنبأوا بكلماتهم الموحَى بها من الله عن هذا السر العظيم الذي للّتقوى، ونرى أن ما حدث منطبق على كلام النبوات، فمن هو عديم العقل الذي يستطيع أن يقول أن الرسل َ كذبوا في كلامهم عن المسيح، إذ قالوا عنه أنه أتى كقول الأنبياء، هؤلاء الأنبياء الذين تكلموا أيضًا عن الأحداث المستقبلية في حياة هؤلاء الرسل أنفسهم؟ لأن الأنبياء تكلموا عنهم قائلين: "لا قول ولا كلام. لا تسمع أصواتهم. في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم." (مز 18: 4، 5). ونحن َنرى في العالم أن هذا الكلام قد تمّ حقا، وإن لم نكن قد رأينا المسيح بالجسد. فمن هو الذي لا يضع إيمانه في الكتب المقدسة، التي تنبأت عن إيمان العالم كله، إلا مَن هو أعمى بجنون شديد، أو متشدِّد ومتصلِّب بعنادٍ عجيب؟

١١ . لكن أنتم أيها الأحباء الذين عندكم هذا الإيمان، أو قد قبلتموه حديثًا، لينمو ويكثر فيكم هذا الإيمان. فكما تمت الأمور الحاضرة كأشياء قيل عنها سابقًا في النبوات، هكذا أيضًا ستأتي الأمور الأبدية، التي وُعِدَ بها. ولا يخدعكم الوثنيون الباطلون، أو اليهود الكذبة، أو الهراطقة المخادعون، أو حتى أيضا المسيحيون الأشرار الذين في الكنيسة الجامعة، الذين وهم مّنا فهم أعداء يسببون لنا آلامًا أكثر. ولكي ما لا يُعَْثر الضعفاء بسبب هذا الموضوع فالنبوات لم تكن صامتة إزاءه. فالمسيح الرب ينادي الكنيسة كما ينادي العريس عروسته في نشيد الأناشيد ويقول: "كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات" (نش 2: 2) فلم يقل "بين الذين هم من خارج" -أي غير المؤمنين- ولكن قال "بين البنات". "ومن له أذنان للسمع فليسمع" (مت 13: 19)

ويقول لنا الإنجيل المقدس انه بينما ُتسحَب الشبكة المطروحة في البحر والجامعة لكل أنواع السمك (7) إلى  الشاطئ -أي إلى نهاية العالم- فيجب أن يُفْرِزَ الإنسانُ نفسَه من الأسماكِ الشريرة. ويجب أن يَْفرز نفسه بالقلبِ، لا بالجسد؛ بخلع العاداتِ الّشرّيرة، لا بخرق الشبكة المقدّسة. لئلا يجد هؤلاء -المحسوبين بين المختارين- أنفسهم محسوبين من بين الأشرار. فلا يكون مصيرهم الحياة، بل العقاب الأبدي، عندما يُفرَزوا على الشاطئ.

 



(1) يريد القديس هنا أن يوضح أن هؤلاء الأشخاص يَدّعون أن أفكار الإنسان يمكن إدراكها لأن الإنسان يفكر فيها فهي إذن داخل عقله وصادرة عنه، أمّا الأمور المُتعلقة بالله فهي خارج عقل الإنسان وبالتالي فهي أمور لا يجب الإيمان بها حسب اعتقادهم. وهذا بالطبع فكر خاطئ.

(2) يوضح القديس هنا أنه لا يمكن أن تكون وسيلتنا لإثبات صدق محبة الآخرين لنا هو تعريض أنفسنا للمشاكل والمخاطر حتى نرى رد فعلهم تجاهنا، وفي نفس الوقت فحتى لو فعلنا ذلك فإن هذا أيضاً يدل على تصديقنا لمحبتهم لنا، لأننا لو آنا نشك فيها ما آنّا عرَّضنا أنفسنا للخطر من الأساس.

(3) العناوين الجانبية كلها من وضع المترجمين

(4) شواهد المزامير الموجودة في هذا النص مأخوذة عن الترجمة السبعينية التي كانت المرجع الأساسي للعهد القديم عند الآباء في القرون الأولى. ولقد فضّلنا وضعها آما هي حتى تساعد القاريء على فهم المقصود من النَص.

(5) تمدح نفسها أي تفتخر بإيمان أبنائها

(6) يقّسِم  القديس أغسطينوس في الجزء القادم نبوات العهد القديم حسب ترتيب

حدوثها إلى ثلاثة أقسام:

الأول: نبوات عن تجسد المسيح وحياته، وقد تحققت.

الثاني: نبوات عن مجد الكنيسة وانضمام الأمم إليها، وهي تتحقق الآن.

الثالث: نبوات عن المجيء الثاني والدينونة، وهي لم تتحقق بعد.

وهو يدعونا للإيمان بالنوع الأول الذي لم نشاهده بعيوننا لأننا لم نكن حاضرين في الماضي وكذلك النوع الثالث الذي لم يتحقق بعد، بما أننا نرى ونختبر تحقق النوع الثاني الآن

(7) انظر (مت 13: 47 -80)

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة